السؤال
أرجو أن تجيبوني على هذه السؤال سريعا ـ إن شاء الله ـ ففي كل مرة ألتزم فيها أقسم على نفسي ألا أعود للمحرمات وإذ عدت أن يسلط علي غضبه، ومع ذلك لا أملك نفسي وأعود للمعاصي مجددا ولا أرتاح في توبة حتى أدعو بدعوات مؤلمة تصيبني إن عصيت الله، و مع ذلك أرجع للمعاصي، ولكن الدعوة الأخيرة في التزامي كانت قاسية لكي لا أعود للمعاصي، وكانت: هي الطرد من رحمة الله، وما يحزنني هو أنني عدت للمعاصي ولم أملك نفسي وكأن الشياطين كلها اجتمعت حولي لكي أطرد من رحمة ربي، ربما إبليس ـ لعنة الله عليه ـ فرح بما قد أصابني، المرجو أن توجهوني إلى طريق الصواب، جزاكم الله وحفظكم من وساوس الشياطين.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإنه يجب على المسلم اجتناب الوقوع في المعاصي ويتأكد في حقه اجتنابها إذا أقسم على ذلك، لما في اليمين من التوثيق، وإنك قد أسأت من عدة جوانب، الأول: فعلك للمعصية، والثاني: عدم إبرارك بقسمك الثالث: دعاؤك على نفسك، وهذا قد ورد النهي عنه، روى أبو داود عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تدعوا على أنفسكم، ولا تدعوا على أولادكم، ولا تدعوا على خدمكم، ولا تدعوا على أموالكم، لا توافقوا من الله تبارك وتعالى ساعة نيل فيها عطاء فيستجيب لكم.
فيجب عليك أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا، وإنك لو صدقت الله تعالى في توبتك صدقك. قال تعالى: فلو صدقوا الله لكان خيرا لهم {محمد:21 }.
ولا ينبغي أن تجعل للشيطان سبيلا إلى نفسك فيقنطك من رحمة الله، فرحمته سبحانه واسعة، قال سبحانه: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر:53 }.
ولا تستسلم لأي أوهام قد تجول بخاطرك بأنك قد طردت من رحمة الله مثلا، فإن الشيطان قد يغذي فيك هذه الخواطر لتكون سببا في هلاكك، فعليك بالإكثار من دعاء الله تعالى أن يرزقك الاستقامة والثبات عليها، وعليك بشغل نفسك بما ينفعك من أمر دينك ودنياك، فتحرص على العلم النافع والعمل الصالح ومصاحبة الأخيار الأتقياء.
ويجب عليك أيضا أن تكفر عن يمينك، واعلم أنه إذا تكررت الأيمان على الشيء الواحد تلزم بها كفارة واحدة ما لم تكن هذه اليمين قد وقعت بعد الحنث، فحينئذ تلزم بها كفارة أخرى، وفي هذه المسألة خلاف بين أهل العلم، فراجع أقوالهم فيها في الفتوى رقم: 11229.
والله أعلم.