الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله سبحانه أن يهدي أخاك هذا ويشرح صدره للإسلام, ويأخذ بناصيته إلى صراطه المستقيم.
واعلم – أيها السائل – أن ما فعله أخوك من سب الله تعالى وسب رسوله ودينه كفر أكبر مستبين لا خلاف فيه, ولا عذر فيه بجهل أو تأويل, فالواجب عليك أن تنصح له وتعلمه أنه بهذا الفعل قد فارق دين المسلمين, وكفر برب العالمين, وتأمره بتجديد الدخول في الإسلام, فإن استجاب فأعلمه بحرمة ما يقدم عليه من هذه الكبائر الموبقات من ترك الصلاة والعقوق والزنا وشرب الخمر, فإن لم يستجب لك فأعرض عنه واقطع علاقتك به واهجره في ذات الله جل وعلا. فمثل هذا لا تجوز مخالطته ولا معاملته ولو كان من الأرحام الأقربين, بل إن هجرانك له وقطيعته من القيام بحقه عليك.
جاء في تحفة الأحوذي عند الكلام عن صلة الرحم:.....والمعنى الجامع إيصال ما أمكن من الخير ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة، وهذا إنما يستمر إذا كان أهل الرحم أهل استقامة فإن كانوا كفارا أو فجارا فمقاطعتهم في الله هي صلتهم بشرط بذل الجهد في وعظهم، ثم إعلامهم إذا أصروا أن ذلك بسبب تخلفهم عن الحق ولا يسقط مع ذلك صلتهم بالدعاء لهم بظهر الغيب أن يعودوا إلى الطريق المثلى. انتهى.
واعلم أن هجرك له من الطاعات العظيمة التي تقربك من الله سبحانه وتهديك إلى عرى الإيمان الوثيقة.
قال ابن عباس: أحب في الله, وأبغض في الله , ووال في الله , وعاد في الله , فإنه لا تنال ولاية الله إلا بذلك ؛ ولا يجد رجل طعم الإيمان وإن كثرت صلاته وصيامه حتى يكـون كذلك ؛ وصارت مؤاخـاة الناس في أمر الدنيـا , وإن ذلك لا يجزئ عن أهله شيئا، ثم قرأ: الأخلاء يومئـذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين. [ الزخرف ، آية : 67 ] ، وقرأ : لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الأيمان وأيدهم بروح منه ويدخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون. {المجادلة: 22}. انتهى.
وفي صحيح مسلم أن قريبا لعبد الله بن مغفل خذف فنهاه فقـال : إن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – نهى عن الخذف وقال : إنها لا تصيد صيدا ولا تنكأ عدوا ولكنها تكسر السن وتفقأ العين. قال : فعاد ، فقال : أحدثك أن رسول الله نهى عنه ثم عدت تخذف لا أكلمك أبدا.
قال النووي معلقا على حديث عبد الله بن مغفل: في هذا الحديث هجران أهل البدع والفسوق ومنابذي السنة مع العلم ، وأنه يجوز هجرانه دائما ؛ والنهي عن الهجران فوق ثلاثة أيام إنما هو فيمن هجر لحظ نفسه ومعايش الدنيا، وأما أهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائما، وهذا الحديث مما يؤيده مع نظائر له كحديث كعب بن مالك وغيره. انتهى.
وجاء في صحيح البخاري: ودعا ابن عمر أبا أيوب فرأى في البيت سترا على الجدار فقال ابن عمر غلبنا عليه النساء فقال من كنت أخشى عليه فلم أكن أخشى عليك والله لا أطعم لكم طعاما فرجع. انتهى.
وقال ابن حجر في الفتح : ذهب الجمهور إلى أنه لا يسلم على المبتدع ولا الفاسق. انتهى.
وقال أيضا: وقال المهلب: ترك السلام على أهل المعاصي سنة ماضية ، وبه قال كثير من أهل العلم في أهل البدع.
وقال النووي في رياض الصالحين: باب تحريم الهجران بين المسلمين إلا لبدعة في المهجور أو تظاهر بفسق أو نحو ذلك.
والله أعلم.