حكم الرجعة بالهاتف بلا إشهاد ولا رضا الزوجة

0 370

السؤال

لقد طلقني زوجي طلقة رجعية بشهود، وقد أمضيت العدة في بيتي حسب الشرع، وأرجعني على الهاتف بدون شهود، ولم أوافق وأكملت العدة وسافرت مع ولدي لأهلي، ووسيلة الاتصال كانت عبر البريد الالكتروني وأرسل لي رسالة ألكترونية كالتالي: لتحصلي على صك الطلاق الرجعي الذي حصل سابقا في10/4/2009 وبعد أن أكدت لي أنك قضيت المدة الكافية للعدة، ولم ترجعي إلي رجعة كاملة، ولن أتشدد في الرأي الفقهي الذي يلزمك بالرجعة، خاصة أنك ما زلت ملحة على الطلاق، فلو كنت تريدين الرجعة لما تعذبت وعذبتني في انتظار قرارك في فترة أحسبها كافية لتبيني مني بينونة صغرى.
أرجو منكم إرسال الرد على بريدي الالكتروني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا يشترط في صحة الرجعة رضا الزوجة ولا علمها بإجماع أهل العلم، كما لا يشترط الإشهاد عليها عند أكثرهم وعليه، فهذه الرجعة بواسطة الهاتف بدون إشهاد صحيحة عند أكثر أهل العلم، وعليك الرجوع لزوجك، وليس لك أن تمتنعي من ذلك، ونحن نسوق لك طرفا من كلام أهل العلم في المسألة، قال ابن قدامة في المغني: وجملته أن الرجعة لا تفتقر إلى ولي ولا صداق ولا رضي المرأة ولا علمها بإجماع أهل العلم لما ذكرنا من أن الرجعية في أحكام الزوجات والرجعة إمساك لها واستبقاء لنكاحها ولهذا سمى الله - سبحانه وتعالى - الرجعة إمساكا وتركها فراقا وسراحا, فقال: فإذا بلغن أجلهن فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف.

وفي آية أخرى: فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان.

وإنما تشعث النكاح بالطلقة وانعقد بها سبب زواله, فالرجعة تزيل شعثه وتقطع مضيه إلى البينونة فلم يحتج لذلك إلى ما يحتاج إليه ابتداء النكاح. انتهى.

وقال الكاساني في بدائع الصنائع: ولا يشترط فيها رضا المرأة، لأنها من شرائط ابتداء العقد لا من شرط البقاء, وكذا إعلامها بالرجعة ليس بشرط حتى لو لم يعلمها بالرجعة جازت، لأن الرجعة حقه على الخلوص لكونه تصرفا في ملكه بالاستيفاء والاستدامة، فلا يشترط فيه إعلام الغير كالإجازة في الخيار، لكنه مندوب إليه  ومستحب، لأنه إذا راجعها ولم يعلمها بالرجعة فمن الجائز أنها تتزوج عند مضي ثلاث حيض ظنا منها أن عدتها قد انقضت. انتهى.

كما تصح الرجعة بدون إشهاد عند المالكية والحنفية وعلى المذهب الجديد عند الشافعي ورواية عند الحنابلة قال ابن قدامة في المغني أيضا: فأما الشهادة ففيها روايتان، إحداهما تجب، وهذا أحد قولي الشافعي، لأن الله تعالى قال: فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم.

وظاهر الأمر الوجوب, ولأنه استباحة بضع مقصود, فوجبت الشهادة فيه كالنكاح، وعكسه البيع، والرواية الثانية, لا تجب الشهادة، وهي اختيار أبي بكر, وقول مالك وأبي حنيفة، لأنها لا تفتقر إلى قبول فلم تفتقر إلى شهادة كسائر حقوق الزوج, ولأن ما لا يشترط فيه الولي لا يشترط فيه الإشهاد, كالبيع وعند ذلك يحمل الأمر على الاستحباب، ولا خلاف بين أهل العلم في أن السنة الإشهاد، فإن قلنا: هي شرط، فإنه يعتبر وجودها حال الرجعة, فإن ارتجع بغير شهادة, لم يصح، لأن المعتبر وجودها في الرجعة دون الإقرار بها إلا أن يقصد بذلك الإقرار الارتجاع  فيصح. انتهى.

وفى تحفة المنهاج ممزوجا بالمنهاج لابن حجر الهيتمي الشافعي: والجديد أنه لا يشترط  لصحة الرجعة الإشهاد عليها بناء على الأصح أنها في حكم الاستدامة, ومن ثم لم تحتج لولي ولا لرضاها، بل يندب، لقوله تعالى: فإذا بلغن أجلهن.

 أي قاربن بلوغه: فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف وأشهدوا ذوي عدل منكم.

 وصرفه عن الوجوب إجماعهم على عدمه عند الطلاق فكذا الإمساك. انتهى.

والله أعلم.

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة