السؤال
زوج طلق زوجته ثم راجعها في عدتها أكثر من مرة؛ فلم ترض بالرجعة وقالت: لا أرجع، وأكملت عدتها، ثم خرجت منها ترى أنها ليست زوجة له، وأن عقد النكاح بينها وبينه قد زال بالطلاق وعدم رجوعها إليه حين راجعها. ثم وقعت بعد ذلك نزاعات بينه وبينها لأجل نفقتها وسكناها، ولأجل مهرها ولغير ذلك مما يتنازع فيه في مثل هذه الأحوال، وكان مما يكرره الزوج من الكلام معها أو مع أولادها أمران:
الأول: يقول: "إن هذه المرأة قد راجعتها أكثر من مرة فلم ترض بالرجعة، ولم ترجع إلى ذمتي وهي من جعل الطلاق يتم بعدم رضاها".
الثاني: يقول: "إن هذه المرأة مطلقة، ولا تحل لي، ولا تلزمني نفقتها وسكناها". ثم لم يزل الأمر على ما وصفنا أكثر من خمسة عشر عاما، ثم إن الزوج قد توفي. فهل هذه المرأة عند وفاته كانت زوجة له عليها العدة ولها من الميراث؟
أفتونا، بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فمثل هذه المسائل التي فيها نزاع ومناكرات؛ لا تنفع فيها الفتوى عن بعد؛ ولكن الذي يفصل فيها هو القضاء الشرعي.
والذي بوسعنا أن نذكره من الأحكام الشرعية المتعلقة بالسؤال على سبيل العموم ما يلي:
-إذا طلق الزوج زوجته طلاقا رجعيا؛ فله مراجعتها في عدتها، ولا يشترط لصحة الرجعة رضا الزوجة أو علمها، فرفض الزوجة للرجعة لا أثر له على صحتها.
قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: ولا يعتبر في الرجعة رضى المرأة؛ لقول الله تعالى: {وبعولتهن أحق بردهن في ذلك إن أرادوا إصلاحا} [البقرة: 228]. فجعل الحق لهم. وقال سبحانه: {فأمسكوهن بمعروف} [البقرة: 231]. فخاطب الأزواج بالأمر، ولم يجعل لهن اختيارا.
ولأن الرجعة إمساك للمرأة بحكم الزوجية، فلم يعتبر رضاها في ذلك، كالتي في صلب نكاحه. وأجمع أهل العلم على هذا. انتهى.
-إذا ظن الزوج عدم صحة الرجعة دون رضا الزوجة؛ فتلفظ بطلاقها؛ فالراجح عدم وقوع طلاقه عليها؛ لأنّ ظنه غير صحيح.
قال ابن القيم -رحمه الله- في إعلام الموقعين: وصرحوا أن الرجل لو علق طلاق امرأته بشرط فظن أن الشرط قد وقع فقال: " اذهبي فأنت طالق "، وهو يظن أن الطلاق قد وقع بوجود الشرط فبان أن الشرط لم يوجد؛ لم يقع الطلاق، ونص على ذلك شيخنا قدس الله روحه. انتهى.
والله أعلم.