ما يباح النظر إليه من عورة المرأة أثناء الولادة

0 307

السؤال

بداية أود أن أبارك لكم شهر رمضان وأسأل الله أن يتقبل منا ومنك صالح الأعمال.وسؤالي: أود أن أعلم رأيكم بخصوص عورة المرأة أثناء الولادة:ـ فما هو الحد الذي يسمح به من كشف العورة؟ وما أعنيه بالضبط هو الطبيبة التي تولد المرأة والكادر الموجود معها ـ الحالة الموجودة والتي مررنا بها: طبيبة مع ممرضتين والولادة قيسرية وليست طبيعية.
- بعد الولادة والمرأة مازالت في المشفى، هل يجوز أن تنكشف المرأة على الممرضة لضرورة طبية، وخاصة أنه بين الحين والآخر تدخل ممرضة جديدة، إما بسبب أن الممرضة السابقة التي انكشفت أمامها المرأة مشغولة أو تغير الكادر حسب الدوام، والمقصود من هذا السؤال حسب الحالة التي مررنا بها أن المرأة انكشفت عورتها على أكثر من 6 ممرضات للأسباب التي ذكرت.
ـ بعد الخروج من المستشفى، هل يجوز أن تنكشف المرأة أمام أمها لمساعدتها في تغير ملابسها أو لتنظيف جسمها أو للتغييرعلى جرحها؟ مع العلم أن الزوج موجود و لكنه أثناء النهار يكون في عمله ووقت عمله ليس طويلا أي أن الأمور التي تحتاج لمساعدة قد تنتظر ريثما يعود الزوج من عمله.
ـ هل يوجد في الشرع ما يسمى: بأن الأم باعتبارها ولدت بنتها فلا يوجد حرج في انكشاف البنت وهي كبيرة بالغة متزوجة؟ وانكشاف عورتها أمام أمها؟ مع العلم أن هذا الأمر شائع كثيرا بين الناس بعدم وجود الحرج باعتبارها أمها وهي ولدتها وربتها إلى آخر ما هنالك من هذا الكلام.
نرجو منكم الإفادة بأسرع وقت ممكن إن أمكن، لأننا مازلنا نعيش الحالة.و جزاكم الله خير الجزاء عن المسلمين.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالأصل وجوب ستر العورة، وعورة المرأة المسلمة مع امرأة مسلمة مثلها هي: ما بين السرة والركبة، فما بينهما يحرم النظر إليه قطعا، وما حرم النظر إليه، حرم لمسه من باب أولى إلا لضرورة، كعلاج لا يتم إلا بذلك، ومن هذا القبيل وضع الولادة، وحيث قلنا بجواز النظر أواللمس في الولادة فيقتصر من ذلك على ما لا بد منه، مع الأخذ بعين الاعتبار أن الضرورة تقدر بقدرها، فيكشف من العورة القدرالمحتاج إليه فقط ويحرم ما عدا ذلك.

قال الكاساني ـ رحمه الله: وأما الثالث وهو بيان ما يحل من ذلك وما يحرم للمرأة من المرأة فكل ما يحل للرجل أن ينظر إليه من الرجل يحل للمرأة أن تنظر إليه من المرأة، وكل ما لا يحل له لا يحل لها فتنظر المرأة من المرأة إلى سائر جسدها إلا ما بين السرة والركبة، ولا يجوز لها أن تنظر ما بين سرتها إلى الركبة إلا عند الضرورة بأن كانت قابلة فلا بأس لها أن تنظر إلى الفرج عند الولادة، لكن الثابت بالضرورة لا يعدو موضع الضرورة لأن علة ثبوتها الضرورة والحكم لا يزيد على قدر العلة هذا الذي ذكرنا حكم النظر والمس. بدائع الصنائع في الفقه الحنفي 5/124.

وإذا دعت الحاجة إلى اطلاع الممرضة على موضع الجرح، وكان هذا بأمر الطبيبة لمصلحة العلاج فلا حرج في ذلك، بحيث يقتصر أيضا على ما تدعو إليه الحاجة دون التوسع في ذلك، وإن أمكن أن تكون التي تتابع الجرح امرأة واحدة فهو أولى، وما ذكر من انكشاف الزوجة على ست ممرضات إن كان بسبب مقبول شرعا كتغير الدوام مع وجود الحاجة إلى ذلك فلا حرج عليكم في ذلك.

وأما بعد الخروج من المستشفى واحتياج المرأة إلى من يساعدها في القيام ببعض الأمورالتي فيها انكشاف عورتها فيما بين السرة إلى الركبة، فإن كان الزوج موجودا ويستطيع القيام بذلك بلا ضرر أو مشقة تلحق بزوجته إذا انتظرته حتى يعود من عمله، فلا يجوز أن تكشف المرأة عورتها أمام أحد حتى ولو كانت أمها، فحكم نظر الأم إلى عورة ابنتها ـ بلا مبرر شرعي ـ كحكم أي امرأة أخرى وهو عدم الجواز، ولا يوجد دليل يستثني الأم من هذا الحكم، وما اعتاده بعض الناس من التساهل في اطلاع الأم على عورة ابنتها لكونها هي التي ولدتها هو من المحرمات، ومما تأثم به الأم والمرأة إذا لم تكن هناك ضرورة لذلك أو حاجة تنزل منزلة الضرورة، وهذا مما لا خلاف فيه بين العلماء.

وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن نظر المرأة إلى عورة المرأة ولم يستثن الأم من ذلك، فعن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد.

 وفي رواية: لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل، ولا المرأة إلى عرية المرأة. رواه مسلم في صحيحه.

قال الإمام النووي في شرحه للحديث السابق: وأما أحكام الباب ففيه تحريم نظر الرجل إلى عورة الرجل  والمرأة إلى عورة المرأة, وهذا لا خلاف فيه، وأما ضبط العورة في حق الأجانب، فعورة الرجل مع الرجل ما بين السرة والركبة, وكذلك المرأة مع المرأة, وهذا الذي ذكرناه في جميع هذه المسائل من تحريم النظر هو فيما إذا لم تكن حاجة, أما إذا كانت حاجة شرعية فيجوز النظر في حالة البيع والشراء والتطبب والشهادة ونحو ذلك  ولكن يحرم النظر في هذه الحال بشهوة، فإن الحاجة تبيح النظر للحاجة إليه, وأما الشهوة فلا حاجة إليها. شرح النووي على صحيح مسلم 4/30 .

وللاستزادة تراجع الفتاوى التالية أرقامها: 98406، 17481،7254 ، 46607،48114 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة