السؤال
أنا كنت صائما وخرج مني المذي بشهوة، وقال لي أحد أصحابي أن خروج المذي بشهوة يفطر ـ وهو يدرس في كلية الشريعة ـ فظننت أن الرجل عنده علم فقلت بما أنني أفطرت فليس لي من صيامي إلا الجوع والعطش فشربت ماء، لكن بعد البحث في موقعكم الفضيل وجدت أن خروج المذي بشهوة لا يفطر، فما الحكم؟ وهل أنا مفطر عمدا أم لا؟ وهل علي كفارة أم قضاء؟ مع أنني لم أكن أعلم أن خروج المذي بشكل عام يفسد الصوم.
أفتوني، جزكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما ذكرته من كون خروج المذي ليس من مفسدات الصوم هو الراجح عندنا وهو مذهب أبي حنيفة والشافعي وانظر الفتويين رقم: 100337، ورقم: 56925.
وعلى فرض كون خروج المذي مفسدا للصوم، فإنه كان يجب عليك الإمساك مراعاة لحرمة الشهر، ولم يكن يجوز لك الفطر، وانظر الفتوى رقم: 69088، أما وقد أفطرت عامدا فالظاهر أن عليك القضاء لكونك أفرطت بترك تعلم العلم الواجب عليك تعلمه، وقد نص العلامة العثيمين ـ رحمه الله ـ على نظير هذا فقال بوجوب القضاء على من أكل ناسيا ثم ظن أن صومه قد فسد فتعمد الأكل، قال ـ رحمه الله: ذكر لي أن شخصا في قديم الزمان اشترى عنبا لأهله، وحمله في منديل وهو صائم، فنسي وجعل يأكل من هذا العنب وكان الناس فيما سبق ليسوا أغنياء يسهل عليهم الحصول على العنب، وكان هذا الشخص قد اشتهى العنب كثيرا، فلما وصل إلى أهله لم يبق من العنب إلا حبة واحدة، وهو يأكل وهو ناس، فقال لما ذكره أهله أنه صائم: إن كان ما أكلت من العناقيد لا يفطر فهذه لا تفطر وأكلها، فهل يفطر الآن؟ نعم، يفطر بالحبة، والعناقيد التي أكل من قبل لا تفطره، لماذا؟ لأنه ناس أطعمه الله عز وجل، لكن هذه الحبة هي التي أفسدت صومه، لكن قال لي بعض الطلبة: لا يفسد صومه على قاعدة أن الجاهل معذور، وهذا جاهل يحسب أن الأول يفسد الصوم فأكل هذه الباقية بناء على فساد صومه، أظن أن هذا لا ينطبق عليه العذر بالجهل، لأن هذا رجل مفرط، كان الواجب عليه أن يسأل وليس كل من قلنا إنه يعذر بالجهل يعذر في كل حال، إذا كان مفرطا وقام سبب طلب العلم يجب عليه أن يطلب العلم حتى يتبين. انتهى.
وأما الكفارة فلا تلزمك، لأن الراجح أنها لا تلزم إلا في الفطر بالجماع، والذين أوجبوا الكفارة في الفطر بغير الجماع لا تجب عندهم الكفارة في هذه المسألة، لأنهم يشترطون في وجوبها انتفاء التأويل القريب وهذا منه جاء في الشرح الكبير للدردير: لا إن استند في فطره إلى تأويل قريب وهو المستند فيه إلى أمر موجود فلا كفارة عليه، كما لو أفطر ناسيا فظن لفساد صومه الإباحة فأفطر ثانيا عامدا، أو لزمه غسل ليلا لجنابة أو حيض ولم يغتسل إلا بعد الفجر فظن الإباحة فأفطر عمدا. انتهى.
والله أعلم.