الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

حكم صيام من كانت تاركة للصلاة وتمارس العادة السرية ليلًا

السؤال

أنا فتاة من أسرة متدينة، ولكنني كنت في ضلال، لأنني كنت أتكاسل عن الصلاة، وكنت أظن أن من يترك الصلاة عمدا فقط هو الكافر، وليس المتكاسل أيضًا، والآن تبت -ولله الحمد- وأصلي الصلوات في أوقاتها، وأقضي ما فاتني من الصلوات، فما هو وضع صيامي في شهور رمضان الفائتة، حيث كنت أحيانًا أصلي في رمضان فقط، وأحيانا أتكاسل عن أداء العشاء؟ وهل أعيد صيام كل تلك الشهور، لأن أعمالي محبطة؟ أم أن الصيام احتسب بمجرد توبتي، وقضاء الصلوات؟
وهناك شهر ارتكبت فيه إثمًا كبيرًا، حيث كنت أمارس العادة السرية في ليل رمضان، وكنت أسارع بالاغتسال لتأدية الصلاة، وهناك أيام لم أستطع فيها الاغتسال، فكنت أمتنع عن الصلاة ظنًّا مني أنني لست طاهرة، وكنت أشعر بانقباض في موضع العورة في نهار رمضان، ويخرج سائل خفيف وقليل، ثم اكتشفت أن ما كنت أشعر به أثناء العادة السرية لا يفسد الطهارة؛ لأنه ليس بمني، ولكنه يفسد الوضوء، فندمت على أنني لم أكن أصلي، لأنني ظننت أنني غير طاهرة، وظني كان غير صحيح، مع العلم أنني لم أفطر على طعام، أو شراب في تلك الأيام، واستمررت بالصيام عسى أن يهذب الصيام ما في نفسي.
فما هو وضع صيامي في الأيام التي لم أكن أصلي فيها؟ وهل هو صحيح؟ أم علي قضاؤه؟ وما وضع صيامي في الأيام التي كنت أمارس فيها العادة، سواء في الليل، أو النهار؟ وهل عليَّ قضاؤها؟ وكيف أقضيها، أو أكفر عنها؟
والله إن قلبي يبكي من شدة الذنب، وقد تبت إلى الله، وأريده أن يغفر لي، ومستعدة أن أكفر عن ذنوبي حتى لو صمت عن كل يوم شهرين، أو أن أقضي حياتي في الصيام.
وهل تأثم أمي، لأنها كانت تعلم أنني أتكاسل عن الصلاة، واكتفت بوعظي، ولم تضربني، أو تعنفني لأداء الصلاة، وقد كنت أكذب عليها في أمر صلاتي، حتى أحتمل الإثم كله وحدي أمام الله، ولا تكون آثمة أمامه، فأنا أحبها كثيرا، ولا أطيق أن يفسد دينها بسببي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالحمد لله الذي هداك وتاب عليك، ثم اعلمي أن تارك الصلاة كسلا لا يكفر عند الجمهور، وقد فصلنا ذلك في الفتوى: 130853.

وعليه؛ فإسلامك صحيح -والحمد لله-، وصيامك في الرمضانات التي تركت الصلاة فيها، أو تركت فيها بعض الصلوات صحيح، تبرأ به ذمتك، والتائب من الذنب كمن لا ذنب له، فما دمت قد تبت إلى الله تعالى، فإن توبتك تمحو سيئاتك، ويبدلك الله بها حسنات.

وما دمت تقضين ما فاتك -فالحمد لله-، وهذا هو الواجب عليك مع التوبة عند الجمهور.

وصيامك صحيح كذلك في الأيام التي استمنيت في ليلها، سواء كان المني خرج منك أو لا، وسواء كنت اغتسلت بالليل أو لا.

وصيامك صحيح كذلك في الأيام التي خرج منك المذي فيها نهارًا، فإن خروجه لا يبطل الصوم في مذهب الشافعية، والحنفية، وهو الذي نفتي به.

وإن كنت استمنيت في نهار رمضان حتى خرج المنيّ عالمة بالتحريم؛ فعليك قضاء تلك الأيام، وأما إن كنت تجهلين التحريم، فلا قضاء عليك. وانظري الفتوى: 127123.

وأما أمّك: فإن كانت تأمرك بالصلاة، وتكذبين عليها، فلا يلحقها إثم -إن شاء الله-.

ونصيحتنا لك أن تستمري في طريق الاستقامة؛ مصاحبة الصالحات، مكثرة من الذكر والدعاء، والتضرع إلى الله تعالى، مجتهدة في تعلم العلم الشرعي النافع الذي تزول به غشاوة الجهل، وتتقربين إلى الله به على بصيرة.

وفقك الله لما فيه رضاه.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

بحث عن فتوى

يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني