السؤال
الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه الحكيم القرآن الكريم: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن. ولسان حال الناس يقول: شهر رمضان الذي أنزلت فيه المسلسلات. فأرجوا من فضيلتكم وسماحتكم تبيين حكم مشاهدة المسلسلات في رمضان وغير رمضان وخصوصا بأن في هذه المسلسلات من الاختلاط والنساء والتبرج والسفور إلى غير ذلك من الأمور المحرمة ما الله به عليم، والأدهى من ذلك والأمر بأن الناس يأخذون هذه الأشياء على وجه السهولة ويسمونها تحضرا وكأنه شيء عادي، فلا نريد تحضرا إن كان هذا هو التحضر، وتبيين حكم ظهور النساء في هذه المسلسلات وتمثيلهن مع الرجال وكيف يجب أن يكون المسلسل سليما من الناحية الشرعية والاجتماعية والأخلاقية حتى أستطيع أن أشاهده؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد سبق الكلام على مشاهدة المسلسلات عموما في الفتوى رقم: 1791.
وغالب المسلسلات لا يخلو من محرمات كتبرج النساء والاختلاط المحرم والموسيقى وكلمات الغرام والفحش، ونحو ذلك من تعد لحدود الله، بل وينطوي بعضها أحيانا على أفكار تهدف إلى تغريب المجتمع وسلخه من قيمه وتغيير هويته الإسلامية، فلكل ذلك لا تجوز مشاهدة تلك المسلسلات، سواء في رمضان وغيره، إلا أن قبح الذنب يزداد عند فعله في الأوقات الفاضلة ومواسم الخير والتي من أعظمها هذا الشهر المبارك الذي تفتح فيه أبواب الجنة وتغلق فيه أبواب السعير وتصفد فيه الشياطين وينادي مناد كل ليلة : يا باغي الخير هلم، ويا باغي الشر أقصر. رواه أحمد والنسائي.
وإذا كان قبيحا بالعبد أن يغفل عن استثمار هذه الأوقات النفيسة وأن يضيعها فيما لا فائدة فيه وإن كان مباحا، فكيف إذا بددها فيما يغضب الله عز وجل؟! والصوم ليس مقصورا على ترك الطعام والشراب والجماع، وإنما حقيقته صوم الجوارح عما حرم الله، بل ويشمل صوم القلب عن المقاصد السيئة والنوايا الخبيثة وكفه عما سوى الله.
وليست الحضارة الحقة في اللهث وراء أذيال الغرب دون بصيرة أو تمييز، وإنما الحضارة في التمسك بهذا الدين الحنيف، فهو الهدى والنور الحقيقي، ومن لم يجعل الله له نورا فما له من نور.
وإذا كنا لا نرى ظهور المرأة في التلفاز كداعية إلى الله مع التزامها بالحجاب، كما في الفتويين: 109816، 110408. فكيف بظهورها في تلك المسلسلات متبرجة ومختلطة بالرجال، بل ومتلفظة بما لا يرضي الله سبحانه من كلمات عشق وغرام؟!
وقد سبق بيان حكم التمثيل عموما وتمثيل المرأة أمام الرجل الأجنبي في الفتوى رقم: 23422.
وإذا خلت المسلسلات من المحرمات المذكورة وغيرها، فلا بأس بمشاهدتها حينئذ. وينبغي أن يكون الهدف من ورائها نبيلا، يفيد في إصلاح المجتمع وحل مشكلاته وتعزيز قيمه وأخلاقه، بدلا من أن يكون سببا في تفسخه وانحطاطه وزيادة تغريبه، كما هو الغالب على المسلسلات. وفي ضوء ما سبق لعلك أدركت أن المسلسلات التي تتحقق فيها هذه الشروط نادرة جدا أو منعدمة. وانظر للفائدة الفتويين: 7295، 11632
والله أعلم.