بر الوالد واجب وإن كان مقصرا في حق أسرته

0 283

السؤال

هل إذا كنت لا أتكلم مع والدي لفترات طويلة يعتبر ذلك من الأمورالتي تقترب من المعاصي والمحذورات؟ مع العلم أن أبي لا يصلي ولا يبر والديه ولا يرعى أبناءه ـ بمن فيهم أنا ـ ولا يحترم زوجته ـ أمي ـ فهو يحترم أصدقاءه أكثر، ويفضلهم علينا في كثير من الأمور، لهذا السبب فأنا لا أقدر على النظر إليه ولا التكلم معه.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهجر الوالد ليس من الأمورالتي تقترب من المعاصي كما زعم السائل، بل هو من الأمورالمحرمة والكبائر المغلظة، لأن هجره من العقوق، والعقوق من الكبائر. جاء في صحيح البخاري وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الكبائر: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وقتل النفس، واليمين الغموس.

 والنصوص الشرعية من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في بر الوالدين وصلتهما والإحسان إليهما كثيرة مشهورة. قال تعالى: وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما * واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا {الإسراء: 22-24}.

وعن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده ـ رضي الله عنه ـ قال: قلت يا رسول الله من أبر؟ قال: أمك ثم أمك ثم أمك، ثم أباك، ثم الأقرب فالأقرب. حسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب.

وقال صلى الله عليه وسلم: الوالد أوسط أبواب الجنة، فإن شئت فأضع ذلك الباب أو احفظه. رواه الترمذي وصححه الألباني.

وقال عليه الصلاة والسلام: رغم أنف رجل بلغ والداه عنده الكبر، أو أحدهما فلم يدخلاه الجنة. رواه الترمذي وصححه الألباني.

فواجب عليك ـ أيها السائل ـ أن تبادر إلى صلة أبيك واسترضائه مما كان منك من تفريط في حقه، ولا تطالب في ذلك بمحبته من قلبك، لأن أمر القلوب لا يملكها إلا الله وحده، لكن إن أديت حقه ظاهرا من الصلة والسؤال عنه وتفقد أموره والإنفاق عليه ـ إذا كان محتاجا وكنت قادراـ فنرجوا أن يرتفع عنك الإثم.

واعلم أن ما تذكر من معصيته وتقصيره في حق ربه ووالديه وأولاده لا يسوغ لك هجره، لأن المعصية لا تقابل بمثلها، ومن عصى الله فيك فأطع الله فيه، وقد أمر الله بمصاحبة الوالدين بالمعروف ـ حتى وإن كانا مشركين يدعوان ولدهما إلى الشرك بالله ـ قال سبحانه: وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا {لقمان:15}.

ويلزمك ـ مع ذلك ـ نصحه وتذكيره بالله جل وعلا برفق ولين، فإن أصرعلى معصيته فليس عليك شيء من أوزاره، لكن عليك أن تفارقه حال ارتكابه للمعصية ولا تساعده عليها ـ بحال ـ حتى وإن طلب ذلك منك، لأنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق.

والله أعلم.

 

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة