السؤال
من فضلكم أنا سيدة متزوجة من ابن عمتي منذ سنتين، ومشكلتي تكمن مع أبي الذي لم يسمح لي من كل قلبه عن هذا الزواج بالرغم من أنه عمل لي عرسا فاخرا وساندني إلا أنه في داخله أحسست بأنه لم ولن يرضى لا يكلمني إلا في المناسبات أو الصدف. في الواقع هو لم يعش معنا لأنه والوالدة مطلقان منذ كان عمري 10 سنوات، صدقني يا شيخ بالرغم من كل الفوارق التي يقوم بها مع إخوتي أي أولاده من الزوجة الأخرى وعطفه عليهم ودعمهم بالأموال لأنه غني بالمال فهذا والله لا يهمني ولن يهمني يوما أنا كل ما أرجوه منه أن يرضى عني لأن موقفه من زواجي بالطبع سلبي لأن زوجي فقير ومعدم، وأنني متعلمة وهو ليس متعلما لكنني رأيت في زوجي ما لم أره في أي شخص طيبة، دينا، أخلاقا، حنانا، حبا وخاصة الاحترام عكس والدي تماما فوالدي- هداه الله- شارب الخمر ولا يصلي. فكيف لي بالله أن أعمل أنا ما بين نارين أن أعصي زوجي وأكلم أبي أم أبقى مع زوجي وهو غير راض عني أفيدوني بالله ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فليس لأبيك الحق في أن يعارض زواجك من ابن عمتك طالما أنه قد قبل به زوجا لك وتم عقد القرآن بينكما ولا يلحقك إثم – إن شاء الله - بعدم رضاه عنك بسببه. والمعيار الشرعي في اختيار الزوج هو الدين والخلق وليس المال أو التعليم الدنيوي ونحو ذلك، روى الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد عريض.
وعلى كل فإننا نوصيك بالحرص على البر بأبيك والإحسان إليه رغم ما ذكرت مما حصل منه في أمر زواجك ومن كونه لا يصلي ويشرب الخمر، فتقصير الأب في دينه أو في حق أولاده لا يسقط عنهم بره والإحسان إليه، فقد أمر الله تعالى ببر الوالدين ولو كانا كافرين، قال تعالى: أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا واتبع سبيل من أناب إلي ثم إلي مرجعكم فأنبئكم بما كنتم تعملون.{لقمان:14، 15 }. ومن أعظم إحسانك لوالدك سعيك في سبيل هدايته بكثرة الدعاء له ومحاولة تسليط بعض أهل الخير والفضل عليه عسى الله تعالى أن يجعلهم سببا في هدايته.
كما أنه يجب أن تحرصي على الاتصال به والسؤال عن أحواله، فإن هذا مما قد يكون سببا في استجلاب عطفه.
ولم نفهم على وجه التحديد ما تعنين بكونك بين نارين، إذ يبدو أن زوجك لم يمنعك من تكليم أبيك، ولكن على فرض أنه منعك فلا تجب عليك طاعته في ذلك، لأن فيه أمرا بالعقوق، ولا طاعة لمخلوق في معصية الله، روى البخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطاعة في المعروف.
وعليك بالبقاء مع زوجك ولو لم يرض بذلك أبوك. وراجعي الفتوى رقم: 67544.
والله أعلم.