السؤال
أولا قرأت أن أصحاب المذاهب الأربعة (الشافعية,الحنابلة, الحنفية, المالكية) أو أغلبهم قد اتفقوا على عدم وجوب تغطية وجه المرأة فهل هذا صحيح، وإذا كان هذا صحيحا فأنا في حيرة يا شيخ! كيف قد أباح أئمتنا كشف الوجه على الرغم من وجود أدلة كثيرة تظهر بأنها تدعو أو تأمر بتغطيته!! مثال.. {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين وكان الله غفورا رحيما}، آخر.. (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب ذلكم أطهر لقلوبكم وقلوبهن)، آخر.. (عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: كان الركبان -تعني الحجاج- يمرون بنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم محرمات.. فإذا حاذوا بنا سدلت أحدانا جلبابها من رأسها على وجهها فإذا جاوزناه كشفناه) آخر.. عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها قالت: كنا نغطي وجوهنا من الرجال.. وكنا نمتشط قبل ذلك في الإحرام، فكيف نجمع بين رأي الأئمة بإباحة الكشف وبين الأدلة السابقة، وهذه الأدلة قد نقلتها من كتيب الشيخ محمد العريفي (في مطعم الجامعة) فأرجو الإجابة على تساؤلي؟ وجزيتم كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالقول باتفاق الأئمة الأربعة على عدم وجوب تغطية وجه المرأة غير صحيح، بل مذهب الإمام أحمد والصحيح من مذهب الإمام الشافعي هو وجوب تغطية وجه المرأة، هذا عند صلاح الزمان، وعلى هذا يمكن أن يقال إن فقهاء المذاهب الأربعة متفقون على وجوب ستر وجه المرأة عند خوف الفتنة وفساد الزمن.
وقد سبق بيان ذلك بالتفصيل مع ذكر الأدلة وذلك في الفتويين التاليتين: 4470 // 50794.. وقد سبق بيان أسباب اختلاف العلماء في حكم النقاب في الفتوى: 41704.
وبخصوص الأدلة الواردة في السؤال فالذين يبيحون كشف الوجه يفسرون كلمة (يدنين) بما رواه أبو داود في مسائله عن عبد الله بن عباس أنه قال: تدني الجلباب إلى وجهها ولا تضرب به. وفي الدر المنثور في تفسير آية الإدناء: أن تقنع وتشد على جبينها. أخرجه ابن جرير وابن مردوية عن ابن عباس، وقد ذكره ابن جرير في تفسيره تحت قوله: (وقال آخرون: بل أمرن أن يشددن جلابيبهن على جباههن).
وأما الجلباب فهو الملاءة التي تلتحف بها المرأة فوق ثيابها، فيكون معنى الآية يشددن جلابيبهن على جباههن وليس على وجوههن، وأما الحجاب في الآية الثانية فالمقصود به احتجاب المرأة في دارها عند التخاطب مع الرجال الأجانب، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في الفتاوى: فآية الجلابيب في الأردية عند البروز من المساكن، وآية الحجاب عند المخاطبة في المساكن. وأما أثر عائشة وأثر أسماء رضي الله عنهما فهو مجرد أفعال لصحابيات ولا تدل على الوجوب ولكنها تدل على المشروعية، فهم إذا لا ينكرون هذه الأدلة إنما يخالفون في فهمها وتفسيرها.
والله أعلم.