صلة الأخت لا تتعارض مع مطالبة الأخ بنصيبه من الميراث

0 302

السؤال

أنا وأخي والحمد لله تعدينا سن الرشد، وتوفي أبي وترك لنا زوجة أب وأختا قاصرا، وزوجة أبي هي الوصي عليها، وهما يعيشان في المدينة التي بها الإرث، وهي غير المدينة التي نعيش بها، بالإضافة أني مسافر في الخارج، وزوجة أبي شبه مستولية على الإرث؟
ومع ذلك تساومنا عليه لعلمها بحاجتنا الماسة له؛ لإقبالي على الزواج، وكذلك أخي الذي بدأ حياته العملية حديثا.
وقد جددت عقود إيجار لمستأجرين بدون الرجوع إلينا، وتكلم أي مشتر على أنها صاحبة القرار، وأننا لسنا موجودين، وقالت أثناء محاولات التفاهم الودي معها على مدار 8 شهور: من يريد حقه يأخذه بالمحكمة، وكذلك تضغط علينا بأختنا وتغيرها معنا.
وكلما حاولت مكالمة أختي هاتفيا أجدها معبئة ضدنا، وتتكلم بطريقة لا تليق مع أخيها الكبير، وأصبحت الآن أخاف أن أكلمها حتى لا أسمع ما لا يرضيني، وفي نفس الوقت حتى لا يفسر موقفي على أنه ضعف، ولأن زوجة أبي تضخم أي شيء يحدث منا، ومن المحتمل أن تقول إنه يتهجم علينا بالتليفون بدلا من أن تقول إنه يطمئن علينا؛ لذا آثرت البعد في الفترة الحالية. فهل في ذلك حرمانية أو شيء من هذا القبيل ؟علما بأني لا أنوي المقاطعة لكن لتحين الفرصة المناسبة؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فلا خلاف بين أهل العلم في أن الأخت من الأرحام الذين تجب صلتهم وتحرم قطيعتهم، لذا فإنا نوصيك بأختك خيرا، ونذكرك بأن صلة الأرحام من أعظم القربات وأجل الأعمال التي يتقرب بها إلى الله جل وعلا، كما أن قطعها من أكبر الكبائر والموبقات، جاء في صحيح البخاري وغيره عن أبي هريرة: عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله خلق الخلق حتى إذافرغ من خلقه قالت الرحم: هذا مقام العائذ بك من القطيعة. قال: نعم. أما ترضين أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك؟ قالت: بلى يا رب. قال فهو لك. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأقرؤوا إن شئتم: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم.

وليس المراد بالصلة أن يصل الإنسان أرحامه إذا وصلوه فهذه مكافأة، بل المراد أن يصلهم وإن قطعوه، ويحسن إليهم وإن أساءوا، ويعطيهم وإن منعوا، فتلك هي الصلة التي أمر الله بها فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها.

وفي صحيح مسلم أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن لي قرابة أصلهم ويقطعوني، وأحسن إليهم ويسيئون إلي، وأحلم عنهم ويجهلون علي، فقال: لئن كنت كما قلت فكأنما تسفهم المل، ولا يزال معك من الله ظهير عليهم ما دمت على ذلك.

وفي صحيح مسلم أيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله عليه وسلم: ما نقصت صدقة من مال، وما زاد الله عبدا بعفوا إلا عزا، وما تواضع أحد لله إلا رفعه  الله.

فلا تجعل متاع الدنيا الفانية سببا في قطيعة أرحامك، ولكن هذا لا يعني ترك حقك ونصيبك من الميراث، كلا. فلا تعارض بين مطالبتك بحقك بالطرق المشروعة - حتى ولو وصل الأمر للقضاء - وبين صلة أرحامك.

 لذا عليك بمواصلة ما أنت عليه من صلة أختك والسؤال عنها والإحسان إليها هي وزوجة أبيك، فإن لهذه الأخرى عليك حقا، والإحسان إليها من الإحسان إلى أبيك وبره بعد موته. واعلم أنك بالمداومة على الإحسان إليهما تستل ما في قلوبهما من بغض أو ضغينة، فقد قال الله سبحانه: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم  {فصلت: 34}

ولكن مع هذا إن خفت حصول ضرر محقق أو غالب على الظن – لا موهوم - من جراء هذا الاتصال فيمكنك تأجيل هذا الاتصال ريثما تتحسن الأمور وتهدأ النفوس، على أن تسارع ببذل أسباب الإصلاح وفصل أسباب الخصومة والنزاع، ثم ترجع بعد ذلك إلى الإحسان والصلة.

والله أعلم.

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة