السؤال
أعمل في محل لبيع الصناعات التقليدية في بلد سياحي، دخلت يوما إلى محل يجاورنا فوجدت فيه سلاسل ذهبية، فيها صليب فاندهشت لأن صاحب المحل يصلي فتجولت ببصري فرأيت قطعة خشبية في شكل بوذا، فنصحته أن لا يبيع هذا، وقلت له أتعين على الشرك، فأمر الصبي الذي يعمل معه بأن ينحيها فشكرت له ذلك، وبعد أيام نظرت إلى المحل فوجدت الصليب معلقا في كل مكان، وتماثيل بوذا منتشرة هنا وهناك، فتعجبت لهذا الشخص احترمني أنا ولم يحترم دينه.
فأرجوكم أريد أن تبينوا لنا حكم من يبيع مثل هذا باستفاضة، لأني أريد أن أطلعه على فتواكم ليعلم أنها تخصه شخصيا عسى الله أن يهديه على أيديكم. وسامحوني على الإطالة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فقد بوب البخاري في صحيحه بابا لنقض الصور، أسند فيه حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم: لم يكن يترك في بيته شيئا فيه تصاليب إلا نقضه. قال ابن حجر: (تصاليب) جمع صليب كأنهم سموا ما كانت فيه صورة الصليب تصليبا تسمية بالمصدر ... الذي يظهر أنه استنبط من نقض الصليب نقض الصورة التي تشترك مع الصليب في المعنى وهو عبادتهما من دون الله. اهـ. وعلى ذلك؛ فشعار كل معبود باطل يجب نقضه، ولا يحل اقتناؤه فضلا عن بيعه.
جاء في (الموسوعة الفقهية): لا يصح لمسلم بيع الصليب شرعا، ولا الإجارة على عمله. ولو استؤجر عليه فلا يستحق صانعه أجرة، وذلك بموجب القاعدة الشرعية العامة في حظر بيع المحرمات، وإجارتها ، والاستئجار على عملها. وقال القليوبي: لا يصح بيع الصور والصلبان ولو من ذهب أو فضة أو حلوى. اهـ.
ولا يجوز بيع الخشبة لمن يعلم أنه يتخذها صليبا. وسئل ابن تيمية عن خياط خاط للنصارى سير حرير فيه صليب ذهب فهل عليه إثم في خياطته ؟ وهل تكون أجرته حلالا أم لا ؟ فقال: إذا أعان الرجل على معصية الله كان آثما . . . ثم قال : والصليب لا يجوز عمله بأجرة ولا غير أجرة ، كما لا يجوز بيع الأصنام ولا عملها. كما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام .
وثبت أنه لعن المصورين. وصانع الصليب ملعون لعنه الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. ومن أخذ عوضا عن عين محرمة مثل أجرة حامل الخمر وأجرة صانع الصليب وأجرة البغي ونحو ذلك، فليتصدق به، وليتب من ذلك العمل المحرم ، وتكون صدقته بالعوض كفارة لما فعله، فإن هذا العوض لا يجوز الانتفاع به؛ لأنه عوض خبيث. نص عليه الإمام أحمد في مثل حامل الخمر ، ونص عليه أصحاب مالك وغيرهم. اهـ.
وفي هذا القدر كفاية للسائل، ويمكنه أن يتوسع في ذلك بمراجعة الفتاوى التالية أرقامها: 9757، 22582، 58010. وقد سبق لنا بيان حكم اقتناء وبيع التماثيل بصفة عامة ولو لم تكن من معبودات الكفار في الفتويين رقم: 13941، 14266. وبينا كذلك وجوب إزالة الأصنام في الفتوى رقم: 7458. فاعرض ما كتبناه لك على الشخص المذكور لعل الله يهدي قلبه.
والله أعلم.