السؤال
أتأذى من أحد أقارب زوجتي (ابن عمها) من موقف قديم منذ زمن. فطلبت منها أن نقطع علاقتنا به حتى إذا رأيته في الشارع تجاهلته، وقد لاحظ هو ذلك. هل هذا يعتبر من قطع الأرحام؟
أتأذى من أحد أقارب زوجتي (ابن عمها) من موقف قديم منذ زمن. فطلبت منها أن نقطع علاقتنا به حتى إذا رأيته في الشارع تجاهلته، وقد لاحظ هو ذلك. هل هذا يعتبر من قطع الأرحام؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فابتداء ننبه على أن ابن عم زوجتك ليس من أرحامك، ولكنه من أرحام زوجتك التي تجب صلتها أو تندب على خلاف بين أهل العلم، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 18400.
وعليه ففي حالة هجران هذا الشخص فلن تشملك أنت النصوص التي جاءت بتحريم قطع الأرحام ولكنها تشمل زوجتك إن قلنا بوجوب صلته عليها، ولا يجوز لك حينئذ أن تحملها على قطيعته دون سبب شرعي معتبر، وعلى كل حال فإن نصوصا أخرى صريحة صحيحة قد جاءت بتحريم الهجر والتخاصم والتقاطع بين عموم المسلمين كقوله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام. رواه البخاري.
وجاء في سنن أبي داود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث فمن هجر فوق ثلاث فمات دخل النار. صححه الألباني.
وفي صحيح البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام. ورواه مسلم.
قال النووي في شرح مسلم: التدابر: المعاداة وقيل القطيعة، لأن كل واحد يولي صاحبه دبره. انتهى.
وعليه فإن الواجب عليكم أن تصلحوا ما بينكم وبين هذا الرجل امتثالا لقوله تعالى: فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم. {الأنفال:1}. وعن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟ قالوا: بلى، قال: صلاح ذات البين فإن فساد ذات البين هي الحالقة. قال أبو عيسى: هذا حديث صحيح.
ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: هي الحالقة لا أقول تحلق الشعر ولكن تحلق الدين. رواه الترمذي وصححه الألباني.
ويستثنى من ذلك ما إذا كان نفوركم منه بسبب نقص في دينه أو فسق فيه، ففي هذه الحالة يكون الواجب عليكم تجاهه هو النصح والوعظ بالحكمة والموعظة الحسنة فإن لم يستجب فلا حرج عليكم في هجره خصوصا إذا خفتم من أن يدخل عليكم ضررا في دينكم أو دنياكم، لأن هجر العصاة المصرين على المعصية المداومين عليها أمر مطلوب، وقد وقع الخلاف بين العلماء هل هو واجب أو مستحب، وقد بينا ذلك بالتفصيل والدليل وذكر أقوال أهل العلم في الفتوى رقم: 119581.
والله أعلم.