السؤال
أحب مساعدتكم في موضوع أرهقني كثيرا، فأنا فتاة غير متحجبة طوال عمري وكل من أعرف غير محجب إلا القليل، حتى الأقارب بعضهم محجب والآخر غير محجب، ولكن لم يكن الحجاب قط محور نقاش حاد فيمن حولي وترعرعت في المملكة العربية السعودية وكان الزي المتعارف عليه هو العباية، ولكن من الممكن أن أكشف شعري وحتى غطاء الشعر أصبح كالموضة ولم يكن ذلك يعجبني فكنت أشعر أنني أريد أن أكون واضحة: إما أن أتحجب وإما أن لا أتحجب، ولم يكن أي شيء حولي يشجعني أن لا أتحجب نشأت في وسط عادي غير محافظ كثيرا، ولكننا غير متحررين نهتم بالأساسيات كالصلاة والزكاة والصيام وغيرها ولم أرتكب من الكبائر أي شيء ـ والحمد لله ـ أحب الله كثيرا ولم أفوت يوما واحدا من رمضان وعملت من العمرات الكثير ـ والحمد لله ـ وعندما تخرجت من المدرسة وذهبت لأدرس في الجامعة في بلدي فلسطين كانت حياتي صعبة هناك وواقع الحرب جعل الظروف تصعب شيئا فشيئا وتعرضت لظلم الناس لي، لأنني لم أكن محجبة، وإلى الآن أعاني من آثار الضغط النفسي الذي عشته هناك، ولكونهم جعلوني أرى نفسي وكأنني إنسانة سيئة في حين أنني ـ والحمد لله ـ قريبة من الله حتى وإن لم أكن محجبة، ولكن بعد سنتين تقريبا من مكوثي في فلسطين قررت أن أتحجب لأتقرب من الله، لأنه كان صديقي الوحيد حينها وكنت أعلم بأنني سأتعب وأعاني وسوف أشعر بأنني مختلفة عن غيري من الفتيات اللتي أحبهن وأعاشرهن طوال الوقت فمجتمع فلسطين المحافظ وظروف الحرب ساعدتني على اتخاذ هذا القرار، حيث إن مغريات الحياة قليلة وفرص الترفيه شبه معدومة والحرب تجعل النفوس مضطربة وكان هناك صديقات يشجعنني ويحببني لما أنا عليه بغض النظر عن كوني محجبة أو لا فقررت أن أتحجب وأنا أعلم بأنني سوف أكون من القلة المحجبة في الوسط الذي أعيش فيه، ولكن بعد 4 سنين من حجابي شاءت الظروف أن أتزوج وأنتقل إلى بلد أجنبي كافر وأنا الآن ـ بدلا من أن أحاول أن أطور حجابي الذي لا يعتبر مثاليا ـ أعاني من وضعه في هذا البلد المليء بالكافرين الذين اعتادوا على عدم وضع الحجاب وأنا أعلم بأن هذا حرام وأنه من هوى نفس، ولكنني تعبت جدا جدا جدا ولا يمكن أن تتخيلوا لأي درجة كنت أعيش في وسط يساعدني، لأنه أقوى على نفسي مهما كانت، ولكنني الآن أحن لما كنت عليه وأشعر بمزيد من الضغط النفسي وكأن الحجاب أصبح الآن مؤشرا للناس ليحكموا عليك إن كنت جيدا أم لا إن كنت صالحا أم طالحا، وأنا الآن أدافع عن الإسلام وأحاول أن أنشره بين الناس هنا في هذا البلد الكافر بالمعاملة الحسنة والأخلاق الجيدة، فهل إن نزعت حجابي أصبح سيئة؟ وأنا أعلم بأنني مخطئة في ذلك، ولكنني أشعر وكأنني منافقة، لأن حجابي غير كامل وأشعر بنفسي عالقة في المنتصف ـ لست سافرة ولست محجبة ـ فحجابي لا تتوافر فيه مواصفات الحجاب الشرعي، لأنني ـ وبصراحة ـ لا أستطيع أن أضع الحجاب الشرعي الكامل، لأنه لا شيء من حولي يساعدني ولا أشعر أنني قوية لهذه الدرجة، وفي نفس الوقت حجابي غير كامل ولا أشعر أنه يستحق المعاناة التي أعانيها منذ أن انتقلت من فلسطين وأشعر ـ في بعض الأحيان ـ أن نزعه قد يكون أفضل لأنني بهذا أشوه صورة الحجاب الأصلي فحين أتعرض لبعض الأسئلة في البلد الكافر أجاوبهم بأنني أغطي شعري، لأنني محجبة، ولكنني أوضح لهم ـ أيضا ـ بأن حجابي غير كامل وأنه يجب علي أن ألبس ملابس فضفاضة أكثر، وأنا مخلصة لديني وأحبه وأعتز به، ولكن موضوع الحجاب هذا يتعبني جدا ويرهقني ويجعلني أبكي وأبكي كلما أفكر فيه ولا أعلم ماذا أفعل؟ وأنا عالقة ـ لا أنا محجبة ولا أنا سافرة كما تعودت أن أكون ـ وأنا لا أريد أن أكشف جسدي، وملابسي ساترة ـ والحمد لله ـ ولكنني لا أرتاح لتغطية شعري ولا أشعر بأنني أنا، بل أشعر وكأنني أمثل، لأكون أفضل أو أحسن في حين أنه في داخلي لا شيء يتغير، لأنني مقتنعة بأن الشكل والمظهر ليس المقياس الوحيد للحكم على الآخرين، بل هناك الكثير من الأشياء ينبغي أن نهتم بها في ديننا وليس فقط المظهر، فما الفائدة من كوني محجبة مثلا؟ ولكنني منافقة أو أمارس النميمة أو الغيبة أو أو أو لا أعلم ماذا أفعل؟ أرجوكم أرشدوني ماذا أفعل؟ لا أجد نفسي مع الحجاب ولا شيء من حولي يساعدني لأتمسك به أو أحسنه وأنا أحاول وأحاول، ولكنني تعبت جدا ولا أشعر بالسعادة في داخلي لست راضية عن نفسي وأعلم أنني قد لا أكون سعيدة في نزعه أيضا، ولكنني ـ على الأقل ـ لا أشعر بأنني أنافق أو أنني في منتصف الطريق.