طلبت زوجته أن تعمل بعد الزواج فهل له منعها

0 195

السؤال

جزاكم الله خيرا على كل ما تبذلونه من مجهودات عظيمة للأمة الإسلامية جعلها الله في ميزان حسناتكم، وبعد لدي سؤال أسألكم بالله أن تجيبوني عليه بفتوى خاصة: أنا شاب الحمد لله من الله علي بالإلتزام منذ ثلاث سنوات تقريبا ويسر الله لي الزواج من بنت ملتزمة بالحجاب الشرعي (مغطية للوجه والكفين) وعلى دين وخلق نحسبها والله حسيبها ولا نزكيها على الله أحدا، ومن أسرة كريمة وهي طبيبة وطلبت مني أن تعمل بعد الزواج في مهنة الطب فوافقت، وتريد أن تتخصص في طب الأطفال وقرأت في فتاوي في موقعكم العامر أن كشف وجه المرأة ويديها للضرورة لا حرمة فيه مثل البيع والشراء أو عند الشهادة أمام القضاء، وكان سؤالي في الفتوي السابقة: هل يجوز لها كطبيبة كشف عينيها فقط لتشخيص المرض وكشف يديها أثناء العمليات الجراحية لأنها تلبس قفازات العمليات وهي شفافة فلا تستر اليدين وهو أمر لازم لا تستطيع تجنبه، مع العلم بوجود رجال أثناء العملية، وكانت فتواكم أنه يجوز لها كشف يديها وعينيها للضرورة المذكوره فقط لأن الإسلام أباح للمرأة كشف وجهها للضرورة مثل البيع والقضاء.
وسؤالي الآن: أني رجل ميسور الحال والحمد لله وأستطيع أن أوفر لها الحياة الكريمة من غير أن تعمل، وفي عصرنا الحاضر أي مستشفى أو مستوصف يطلب شهاداتها التي تثبت أنها طبيبة وهو أمر واجب ولا يخفى هذا عليكم، مع العلم أن الشهادات فيها صورتها بل قد يحتفظوا بنسخة من الشهادات وسيطلع على شهاداتها الرجال الأجانب. فهل تعتبر هذه الحال ضرورة بحيث لا يكون عليها إثم إذا إطلع على صورتها الموجودة في الشهادة الرجال الأجانب؟ وإذا كان لا يجوز عرض شهاداتها على الأجانب للسبب المذكور فهل يجوز لي أن أمنعها من العمل لهذا السبب، مع العلم أنها طلبت أن أسمح لها بالعمل قبل الزواج ووافقت مع العلم أني ميسور الحال ولا أحتاج لعملها وأستطيع أن أوفر لها الحياة الكريمة، ولم أسأل سؤالي هذا إلا لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته)؟ وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فجزاك الله خيرا على تحري الحق والصواب وزادك الله حرصا على دينك وغيرة على أهلك، ولا يخفى عليك أن عمل المرأة الأصل فيه الجواز ما دام منضبطا بالضوابط الشرعية، وعليه فإن عمل زوجتك في هذا المكان لا حرج فيه، وتقديم صورة تثبت شخصيتها لا حرج فيه أيضا لأن هذا أمر أصبح من ضروريات جميع الوظائف والأعمال، فلا بأس أن تعطيهم زوجتك هذه الصورة بحيث تكون الصورة محتشمة لا تظهر شيئا سوى وجهها وبدون أي زينة بل بالقدر الذي تندفع به هذه الحاجة، وقد بينا هذا في الفتوى رقم: 18455.

يبقى بعد ذلك النظر فيما وعدتها به من الاشتغال بمهنتها بعد الزواج، فإن كان هذا قد جرى مجرى الشرط سواء كان بصيغة الشرط أو كان يجري مجرى الشرط عرفا فهنا يلزمك الوفاء به على الراجح من كلام أهل العلم، وقد بينا ذلك في الفتويين: 1357،  123860.

أما إن كان الأمر مجرد وعد ولم يرتق إلى حد الشرط فقد اختلف العلماء في حكم الوفاء بالوعد على ثلاثة أقوال، بيناها في الفتوى رقم: 32140، وبينا أن القول بالوجوب قول قوي متجه.

 جاء في الفروع لابن مفلح: ولما قيل للإمام أحمد: بم يعرف الكذابون؟ قال: بخلف المواعيد وهذا متجه وقاله من الفقهاء ابن شبرمة، وقال ابن العربي المالكي: أجل من قاله عمر بن عبد العزيز لقوله تعالى: كبر مقتا عند الله. انتهى.

وعليه فلا ينبغي أن تمنع زوجتك من العمل سواء كان هذا شرطا أو وعدا إلا أنه في حال الشرط يحق للمرأة فسخ النكاح على الراجح، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 73227.. ومع هذا فإن باب التراضي باب واسع فلو تراضيتما على أن تترك زوجتك العمل فلا حرج في ذلك.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة