حكم الاقتداء بمن يترك بعض سنن الصلاة

0 279

السؤال

جزاكم الله خيرا على هذا الموقع شيخي الفاضل: في مسجد الحي، الإمام الذي يصلي بنا صلاة الجماعة يقوم بما يلي:
لا يقرأ دعاء الاستفتاح ولا البسملة ـ يغلب على ظني أنه لا يفعل ذلك ـ لأنه لا يترك وقتا بين التكبيرة والقراءة عند قراءة الفاتحة.
عندما يقرأ الرحمان فكأنه يكرر الراء من الرحمان كمن يقول: لا يغررنكم بالله الغرور: يكرر الراء في يغرنكم.
عند التسليم يقول فقط: السلام عليكم، ولا أسمعه يكمل: ورحمة الله.
وللعلم ـ سيدي ـ في بلادنا نتبع مذهب الإمام مالك والسؤال هو: هل الصلاة وراء هذا الإمام صحيحة؟ علما بأن هذا المسجد هو الأقرب لي وخاصة في صلاة الفجر، ويوجد مسجد آخر، لكن به مقبرة، وأنا أعلم أنه لا تجوز الصلاة في مسجد به قبر, وإذا لم تكن الصلاة وراءهذا الإمام صحيحة فسأضطر إلى الصلاة في المنزل، إذ لا يوجد مسجد قريب لمسكني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فاعلم أولا: أن من كان يترك سنة من سنن الصلاة، فإن الاقتداء به صحيح، فإن صلاته صحيحة لنفسه، فتصح إمامته، وكذا من كان يترك واجبا من واجبات الصلاة في اعتقاد المأموم وهو في اعتقاد الإمام غير واجب، فإن الاقتداء به صحيح كذلك، ولا يضر اختلاف مذهبي الإمام والمأموم في صحة الاقتداء، كما نص على ذلك المحققون من أهل العلم

قال شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله: تجوز صلاة أهل المذاهب بعضهم خلف بعض، كما كان الصحابة والتابعون ومن بعدهم من الأئمة الأربعة يصلي بعضهم خلف بعض، مع تنازعهم فيمن تقيأ أو مس ذكره ونحوه، أو لم يتشهد أو لم يسلم ونحوه والمأموم يعتقد وجوب ذلك، ولم يقل أحد من السلف إنه لا يصلي بعضهم خلف بعض، ومن أنكر ذلك فهو مبتدع ضال مخالف للكتاب والسنة وإجماع سلف الأمة.

انتهى.

فإذا علمت هذا فاعلم أن دعاء الاستفتاح سنة، فلا تبطل الصلاة بتركه وانظر الفتوى رقم: 11227.

والبسملة في أول الفاتحة مختلف في وجوبها، فلا تبطل صلاة من اقتدى بمن يتركها، وقد ذكرت أنكم مالكية، ومذهب المالكية في الإتيان بالبسملة معروف، ولو أمكن أن تذكر لهذا الإمام أن الأحوط أن يأتي بالبسملة خروجا من خلاف من أوجبها، كما نص على ذلك بعض فقهاء المالكية لكان ذلك حسنا، وانظر الفتويين رقم: 34178، ورقم: 36312.

وأما ترك الصلاة خلفه لكونه يترك البسملة ـ على فرض كونه يتركها ـ فلا ينبغي، وكذا يقال في اقتصاره على قول السلام عليكم دون زيادة ورحمة الله ـ على فرض كونه يتركها ـ فإن الأولى أن تنبهه إلى أن الاحتياط هو أن يقول السلام عليكم ورحمة الله، خروجا من خلاف من رأى وجوب قول ورحمة الله في السلام.

قال في مطالب أولي النهى: ولا يجزئ في غير صلاة جنازة إن لم يقل: ورحمة الله، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يقوله وقال: صلوا كما رأيتموني أصلي.

وهو سلام في صلاة ورد مقرونا بالرحمة فلم يجزئه بدونها كالسلام في التشهد.  

انتهى.

ومذهب الشافعية: أن زيادة ورحمة الله مستحبة وأن الإجزاء يحصل بقول السلام عليكم.

وأما مذهب المالكية: فهو أن زيادة ورحمة الله غير مسنونة أصلا، قال في مواهب الجليل: قال الشيخ زروق في شرح القرطبية: وقوله ورحمة الله كلمة خارجة عن الصلاة لا تضر فيها, لكن ظاهر كلام أهل المذهب أنها ليست بسنة ـ وإن ثبت بها الحديث ـ إذ ليس مما عمل به أهل المدينة كالتسليم ثانية للفذ والإمام.

وإذا علمت ما ذكرناه عن اختلاف الأئمة في المسائل المذكورة علمت أن صلاتك خلف هذا الإمام جائزة، وأما كونه يزيد راء في الرحمن، فالظاهر لنا أنك غير جازم بهذا وأنك شاك فيه ونخشى أن تكون وسوسة فيك لا سيما في الحرف الذي ذكرته، فإن كنت موسوسا وكان ذلك مجرد وهم فلا تلتفت إليه، وكذا إن كنت تشك في إتيانه بهذه الزيادة، إذ الأصل صحة صلاة المسلمين وعدم طرو ما يبطلها، وأما إذا كنت جازما بأنه يزيد حرفا في الفاتحة، فإن الائتمام به ـ والحال هذه ـ لا يجوز.

وانظر الفتوى رقم: 113626.

وعليك أن تناصحه وتبين له ما يقع فيه من الخطإ لعله أن ينتصح ـ بإذن الله.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة