السؤال
سؤالي هو: علمت بجواز دفع الزوجة زكاة مالها للزوج، وفي حالتي أنا غارم وعلي ديون لكن ما أشكل علي هو بأنني سوف أقوم بصرف هذا المبلغ على نفقة بيتي وأولادي وبالتالي هم أولادها أيضا، وما أحضره من طعام سوف تتناوله معنا. فهل يكون ذلك المبلغ قد عاد عليها وعلى فروعها. أفيدوني أثابكم الله؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فاعلم أن العلماء مختلفون في جواز دفع المرأة زكاتها إلى زوجها فأجاز ذلك الشافعي وصاحبا أبي حنيفة وهوإحدى الروايتين عن مالك وأحمد كما في الفتح للحافظ ابن حجر، والقول بالجواز أقوى ومستنده قول النبي صلى الله عليه وسلم لزينب زوجة عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما حين استأذنته في دفع صدقتها لزوجها: زوجك وولدك أحق من تصدقت عليه. متفق عليه. ونص الشافعية على أنه يجوز لها دفع زكاتها إليه وإن أنفق عليها منها لعموم الحديث.
قال الرملي في نهاية المحتاج: ويسن لها أن تعطي زوجها من زكاتها ولو بالفقر وإن أنفقها عليها كما قاله الماوردي خلافا للقاضي. انتهى.
وبه تعلم أن المرأة إذا ملكت زكاة مالها لزوجها المستحق للزكاة فله أن يصرفها كيف شاء حتى لوأنفق عليها وعلى عيالها منها.
قال الحافظ في الفتح مناقشا قول من حمل الحديث على صدقة التطوع دون الفرض: واحتجوا أيضا بأن ظاهر قوله في حديث أبي سعيد المذكور زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم دال على أنها صدقة تطوع لأن الولد لا يعطى من الزكاة الواجبة بالإجماع كما نقله ابن المنذر وغيره، وفي هذا الاحتجاج نظر لأن الذي يمتنع إعطاؤه من الصدقة الواجبة من يلزم المعطي نفقته، والأم لا يلزمها نفقة ولدها مع وجود أبيه، وقال ابن التيمي: قوله وولدك محمول على أن الإضافة للتربية لا للولادة فكأنه ولده من غيرها. وقال ابن المنير: اعتل من منعها من إعطائها زكاتها لزوجها بأنها تعود إليها في النفقة فكأنها ما خرجت عنها، وجوابه أن احتمال رجوع الصدقة إليها واقع في التطوع أيضا ويؤيد المذهب الأول أن ترك الاستفصال ينزل منزلة العموم فلما ذكرت الصدقة ولم يستفصلها عن تطوع ولا واجب فكأنه قال تجزئ عنك فرضا كان أو تطوعا، وأما ولدها فليس في الحديث تصريح بأنها تعطي ولدها من زكاتها بل معناه أنها إذا أعطت زوجها فأنفقه على ولدها كانوا أحق من الأجانب، فالإجزاء يقع بالإعطاء للزوج والوصول إلى الولد بعد بلوغ الزكاة محلها. انتهى.
وبما تقدم نقله يزول عنك الإشكال، فإن دفعت إليك زوجتك زكاتها وكنت فقيرا لا تجد ما تنفقه عليها وعلى عيالك جاز لك أن تنفق من هذا المال على من لزمتك نفقته، وشرط ذلك أن يصدق عليك وصف الفقر المبيح للأخذ من الزكاة وألا يكون دفعها الزكاة إليك لمجرد التوسعة والإنفاق في فضول المباحات، وقد بينا حد الفقير الذي يستحق الأخذ من الزكاة في الفتوى رقم: 128146، وأما قضاء دينك من هذا المال فجائز لا حرج فيه.
والله أعلم.