من قال لزوجته (أنت حرام علي إلى يوم الدين) ثلاث مرات متتابعة

0 432

السؤال

أرسل لي أحد الإخوة السؤال التالي: ماذا يترتب على الشخص إذا قال لزوجته في لحظة غضب: (أنت حرام علي ليوم الدين ثلاث مرات متتابعة). أرجو المساعدة؟ انتهى السؤال.
فهل لنا أن نعلم ما هو الحكم الشرعي لهذه المسألة والتى وللأسف انتشرت كثيرا بين أوساط المسلمين؟ وما هو الفرق شيخنا بين الطلاق والظهار فلعلك شيخنا أن تؤصل لنا المسألة حتى أستفيد ويستفيد القراء من هذه الاستشارة وتبين لنا مدى خطورة هذا الأمر؟ وجزاك الله كل خير وأحسن الله إليك وغفر لوالديك وبارك الله لك عملك وعمرك؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فمن حرم زوجته أثناء الغضب الشديد بحيث كان لا يعي ما يقول فلا شيء عليه لارتفاع التكليف حينئذ كما تقدم في الفتوى رقم: 35727. وإن كان يعي ما يقول فيرجع في ذلك إلى نيته وقصده، ولا يخلو من أن يكون قد قصد الطلاق أو الظهار أو اليمين أو لم يقصد شيئا.

 قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى: فصار الذي يقول لزوجته أنت علي حرام له أربع حالات:

الأولى: أن ينوي الظهار. الثانية: أن ينوي الطلاق. الثالثة: أن ينوي اليمين. الرابعة: أن لا ينوي شيئا.

فإذا نوى الظهار فظهار، أو الطلاق فطلاق، أو اليمين فيمين. والعمدة عندنا قول النبي صلى الله عليه وسلم: إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى. فإذا لم ينو شيئا صار يمينا، والدليل قوله تعالى: يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضات أزواجك والله غفور رحيم* قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم. انتهى.

وعلى ذلك فإذا قصد الشخص المذكور بما قال الطلاق ونوى التأكيد بمعنى أنه قصد إنشاء الطلاق بالعبارة الأولى فقط وجعل ما بعدها تأكيدا أو لم ينو شيئا لزمته طلقة واحدة، وإن قصد التأسيس وهو إنشاء الطلاق بالعبارات كلها فقد وقع الطلاق ثلاثا وحرمت عليه حتى تنكح زوجا غيره -نكاحا صحيحا نكاح رغبة لا نكاح تحليل- ثم يطلقها بعد الدخول.

 قال ابن قدامة في المغني: فإن قال: أنت طالق طالق طالق، وقال: أردت التوكيد قبل منه، لأن الكلام يكرر للتوكيد، كقوله عليه السلام: فنكاحها باطل باطل باطل.

وإن قصدت الإيقاع وكرر الطلقات طلقت ثلاثا، وإن لم ينو شيئا، لم يقع إلا واحدة، لأنه لم يأت بينها بحرف يقتضي المغايرة فلا يكن متغايرات. انتهى.

ووقوع الثلاث عند قصد التأسيس هو مذهب جمهور أهل العلم -بمن فيهم المذاهب الأربعة- وقال شيخ الإسلام ابن تيمية ومن وافقه: تلزم طلقة واحدة على كل حال، وراجعي في تفاصيل ذلك الفتوى رقم: 54257. وإن قصد الظهار لزمته كفارة ظهار واحدة، كما تقدم تفصيله في الفتوى رقم: 59996. وهذه الكفارة تقدم بيانها في الفتوى رقم: 192.

وإن قصد اليمين بالله تعالى أو لم يقصد شيئا لزمته كفارة يمين واحدة، وراجع في ذلك الفتويين: 126480،  107238. وقول الزوج: ليوم الدين تأكيد لما يترتب على هذا التحريم ولا يترتب عليه حكم مستقل.

 ففي حاشية الدسوقي المالكي: (قوله: أو طالق أبدا) أي أو إلى يوم القيامة وإنما لزمت الواحدة لأن المعنى أنت طالق ويستمر طلاقك أبدا أو إلى يوم القيامة وهو إذا طلقها ولم يراجعها استمر طلاقها أبدا أي استمر أثر طلاقها وهو مفارقتها أبدا أو إلى يوم القيامة. انتهى.

أما تعريف الطلاق فهو قصد الزوج إزالة العصمة بلفظ صريح أو كناية مع النية كما سبق في الفتوى رقم: 49125. كما أن تعريف الظهار هو تشبيه الرجل زوجته أو جزءا منها بامرأة تحرم عليه تحريما مؤبدا أو بجزء منها يحرم عليه نظره كالظهر والبطن ونحوهما، ويترتب على التلفظ بالطلاق إن كان ثلاثا حرمة الزوج على زوجها حتى تنكح زوجا غيره نكاح رغبة لا نكاح تحليل ثم يطلقها بعد الدخول وإن كان أقل من ثلاث فلزوجها مراجعتها قبل تمام عدتها، أما من صدر منه الظهار فعليه الكفارة قبل أن يعود لمعاشرة زوجته وهذه الكفارة قد تقدم بيانها في الفتوى رقم: 192، وراجع التفصيل في الفتوى رقم: 18644.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة