حكم قانون الوصية الواجبة

0 659

السؤال

سؤالي بخصوص الوصية الواجبة. حيث قرأت مقالات كثيرة تؤيدها وقرأت أيضا ما يعارضها.
ولي بعض التساؤلات أرجو الرد عليها وتوضيحها:
1- ذكرتم في ردودكم أنه لم يعرف أو يسمع عن شيء مثل هذا أيام السلف. وأود أن أسأل ألم يكن دأب السلف هو اتباع السنة وبالتالي حرصهم على كتابة وصيتهم وبالتالي لم تكن هناك أي حاجة لأن يتولى ولي الأمر إيجاب الوصية؟ ألم يوص النبي وقال: نحن معشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة.؟
2- ذكرتم انه كان ينبغي على الجد أن يوصي قبل أن يموت. فماذا يكون الحال وهو لم يوص، والأدهى أن أمر كتابة الوصية أصبح أمرا منسيا بل لو طلبت من أحد أن يكتب وصيته سيتشاءم ويعتبر أن هذا فأل غير حسن. ومع علم كثير من الملتزمين بأهمية كتابة الوصية لا يقومون بذلك فما بالك بحال العوام.
3- ذكرتم انه ينبغي على الأعمام أن يقوموا بإعطاء أبناء أخيهم بعضا من الميراث تطييبا لخاطرهم وعملا بالآية: وإذا حضر القسمة أولوا القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا. ولكن ماذا يكون الوضع ونحن في زمان غلب فيه الشح والأنانية ومن الممكن أن يأكل فيه العم حق ابن أخيه وليس فضل مال تطييبا لخاطره؟
4- احتججتم بهذه الأمثلة على بطلان الوصية الواجبة:
---((ج - أن بنت البنت قد تأخذ أكثر مما ترثه بنت الابن، فلو مات شخص عن بنت، وبنت بنت متوفاة، وبنت ابن، وترك 30 فدانا مثلا، فإن مقدار الوصية الواجبة لبنت البنت هنا هو ثلث التركة وهو 10 أفدنة نصيب أمها لو كانت حية.
وتأخذ البنت وبنت الابن الباقي فرضا وردا بنسبة 1:3، فيكون نصيب بنت الابن خمسة أفدنة أي نصف ما أخذته بنت البنت !!
مع أن بنت الابن أحق منها، ولذلك انعقد إجماع العلماء على أن بنت الابن ترث، وأن بنت البنت لا ترث، فكيف يعطى غير الوارث أكثر من الوارث، مع أنهما في درجة قرابة واحدة؟!
د - أن بنت الابن قد تأخذ أكثر من البنت، وذلك فيما إذا مات شخص عن بنتين، وبنت ابن متوفى، وأخت شقيقة، وترك 18 فدانا مثلا، فإن مقدار الوصية لبنت الابن ثلث التركة وهو 6 أفدنة، أما الباقي فيقسم بين البنتين والأخت الشقيقة، فتأخذ البنتان الثلثين 8 أفدنة، لكل منهما 4 أفدنة، وتأخذ الأخت الشقيقة الباقي وهي 4 أفدنة !! ))----
وكأنكم تستنكرون أن يأخذ الموصى له نصيبا أكثر من الوارث وهذه الحالة وارد جدا أن تحدث مع الوصية، ومن المعروف أن الوصية محددة بالثلث فكان من الممكن جدا أن يوصي لها الجد بالثلث وفي هذه الحالة ستكون آخذة أكثر من نصيب أي وارث (هل هذا يعتبر أيضا شذوذ؟)
أرى أن الخلاف لا يكون على هذه النقطة ولكن الخلاف يكون أصلا هل الوصية واجبة أم لا.. لأنكم لو أخذتم بوجوب الوصية لأصبحت كل هذه الأوضاع سليمة كأن الجد أوصى في حياته!!
5- ذكرتم الاحتجاج بأن ابن حزم لم يحدد مقدارا معينا في الوصية للأقارب غير الوارثين. والله قال بالمعروف ، والمعروف هو ما تطمئن له النفوس والعقول ويكون العدل الذي لا زيادة فيه ولا نقصان.. وبما أن الوصية في حدود الثلث ومشرعي القانون حددوها بنصيب الأصل بشرط ألا يزيد عن الثلث .. فلو حددنا مقدار الوصية بالثلث وهو أزيد من نصيب الأصل لوجدنا الوارثين بهم ضيق من هذا، ولو قللنا عن نصيب الأصل لوجدت الأحفاد بهم ضيق. ولكن تحديد الوصية بنصيب الأصل يجعلها ترضي جميع الأطراف حيث إن الورثة سيقارنون إرثهم بعد الوصية الواجبة بمقدار إرثهم في حالة أخيهم سيجدون أنه نفس المقدار وكذلك حال الأحفاد .. ولو ترك الأمر للورثة كما ذكرتم لامتلأت المحاكم والشكاوى ولكن تحديد مشرعي القانون فصل هذه المسألة.
6- تبعا لاستنادكم لكتاب الشيخ محمد أبو زهرة (شرح قانون الوصية) حرصت على قراءته لأتبين حقيقة الوصية الواجبة ولكني فوجئت بأن الشيخ يشرح قانون الوصية الواجبة ويبدأ كلامه عنها بقوله:.. فجاء القانون وقرر ذلك المبدأ العادل واعتبره وصية واجبة معتمدا على بعض نصوص القرآن الكريم وبعض آراء الفقهاء كما سنبين وسد بذلك النقص فجعل من الواجب على الموصي أن يوصي فإذا لم يفعل أو عاجلته المنية قبل أن ينفذ ما هم به كانت تلك الوصية نافذة من غير إنشاء للتصرف بل تنتقل إلى الفروع بحكم القانون كما ينتقل الميراث .. " والحقيقة أني لم أشعر أنه يهاجم قانون الوصية الواجبة –كما شعرت عندما قرأت ردودكم- بل يشرحه بشيء من التأييد وذكر ثلاث حلول لحساب نصيب الموصى لهم وانتقد أسلوبين منهم وزكى الأسلوب الثالث وأرى أنه هو المتبع الآن وهو إخراج نصيب الابن المتوفى أولا واحتسابه كوصية لأبنائه ثم توزيع الميراث، كان له بعض الردود على رأي فضيلة المفتي في فتوى أو شيء من هذا القبيل. وبعد أن شرح الوصية أورد الأصل الشرعي للوصية الواجبة في خمس صفحات.
أرجو الرد وسوف أرسل باقي السؤال في رسالة أخرى؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله تعالى أن يشرح صدورنا للحق، وأن يجنبنا مضلات الفتن واتباع الهوى .. فإن الوصية شريعة ربانية ماضية، وقد توالت أجيال الأمة قرنا بعد قرن، وفيهم الصالح والطالح، ومن يؤثر أخراه ومن يؤثر دنياه، ومع ذلك لم يوجب أحد من علماء الإسلام على مر العصور طريقة معينة لازمة في الوصية وقسمتها، كهذا الذي حصل في عصرنا من سن قانون الوصية الواجبة، ومن الخطأ الفادح أن ينسب هذا القانون برمته إلى أحد من أهل العلم، ابن حزم أو غيره، فإن من قال بوجوب الوصية من أهل العلم لم يفرق بين الأقارب غير الوارثين، ولم يخصوا الأحفاد دون الأجداد أو الأعمام أو الأخوال أو غيرهم. ثم إن أحدا منهم لم يعين لذلك قدرا معلوما.

 وإليك نص كلام ابن حزم، حيث يقول: فرض على كل مسلم أن يوصي لقرابته الذين لا يرثون, إما لرق وإما لكفر وإما لأن هنالك من يحجبهم عن الميراث أو لأنهم لا يرثون، فيوصي لهم بما طابت به نفسه لا حد في ذلك, فإن لم يفعل أعطوا ولا بد ما رآه الورثة أو الوصي ... فإن أوصى لثلاثة من أقاربه المذكورين أجزأه. والأقربون: هم من يجتمعون مع الميت في الأب الذي به يعرف إذا نسب, ومن جهة أمه كذلك أيضا هو من يجتمع مع أمه في الأب الذي يعرف بالنسبة إليه. اهـ.

فعنده لا حد للوصية لا بنصيب مورثهم ولا بغير ذلك، وكذلك لم يقصرها على الأحفاد دون غيرهم من ذوي القرابة، ثم إنه يوجب على الموصي أن يوصي لثلاثة من أقاربه على الأقل، لأن هذا هو أقل الجمع عنده. فهل يصح بعد ذلك أن ينسب لابن حزم قانون الوصية الواجبة المعروف بتفاصيل لم ينزل الله بها من سلطان؟! وبهذا يتبن خطأ السائل في قوله: لو أخذتم بوجوب الوصية لأصبحت كل هذه الأوضاع سليمة كأن الجد أوصى في حياته!! لأننا حتى ولو قلنا بقول ابن حزم، فلن نقبل أن يلزم الورثة بإخراج قدر معين لم يأت الشرع بتعينه، وإلا لكان ميراثا وليس وصية، كما سيأتي إيضاحه.

 ثم إن القائلين بعدم وجوب الوصية مع ما معهم من الأدلة الراجحة، هم جماهير أهل العلم، ومنهم المذاهب الفقهية الأربعة المتبعة في العالم الإسلامي، فأي الفريقين أحق أن يأخذ بقول الآخر؟! وعلى القول بعدم الوجوب لا يستقيم أيضا قول السائل: لو ترك الأمر للورثة كما ذكرتم لامتلأت المحاكم والشكاوى. لأن من لا يستحق نصيبا معينا وجوبا، لا يصح منه رفع شكوى إذا حرم أصلا، فضلا عما إذا أعطي قدرا لا يرضاه.

ثم إنه لا يعقل أن تجتمع الأمة من لدن النبي صلى الله عليه وسلم إلى عصرنا هذا على تضييع هذا الحق وتفويت هذه الحكمة والمصلحة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله لا يجمع أمتي على ضلالة. رواه الترمذي وصححه الألباني.

 وقال ابن كثير في تفسيره: أهل السنة والجماعة يقولون في كل فعل وقول لم يثبت عن الصحابة: هو بدعة، لأنه لو كان خيرا لسبقونا إليه، لأنهم لم يتركوا خصلة من خصال الخير إلا وقد بادروا إليها. اهـ.

وبهذا يعلم السائل جواب ما بدأ به كلامه، فترك السلف لهذا الفعل دليل على عدم مشروعيته، ولا يقال: كانوا في غنى عنه لأنهم كانوا يلتزمون بكتابة الوصية. لأننا نقطع بأنهم ولو كانوا يلتزمونها فإنهم لم يكونوا يلتزمون بما يخص الأحفاد دون غيرهم من القرابات، ولم يكونوا يلتزمون بهذا المقدار بعينه!! وتصحيح الخطأ لا يصح أن يكون بخطأ أفدح وأبشع، حيث صار قانون الوصية الواجبة في الحقيقة سبيله سبيل الميراث، ولا علاقة له بحقيقة الوصية، ولذلك قال الدكتور وهبة الزحيلي وهو ممن يقرون بهذا القانون، في كتابه الفقه الإسلامي وأدلته: وبما أن هذه الوصية لا تتوافر لها مقومات الوصية الاختيارية لعدم الإيجاب من الموصي والقبول من الموصى له، فهي أشبه بالميراث، فيسلك فيها مسلك الميراث، فيجعل للذكر مثل حظ الأنثيين، ويحجب الأصل فرعه، ويأخذ كل فرع نصيب أصله فقط. اهـ.

وقال الشيخ محمد أبو زهرة في كتابه شرح قانون الوصية: هذه خلاصة أحكام الوصية الواجبة ... وهذه الأحكام في غايتها ومرماها وفي الغرض منها والسبب الباعث عليها تنحو نحو الميراث، فالقانون جعل بهذه الوصية لأولاد من يموت في حياة أبويه ميراثا مفروضا، هو ميراثه الذي كان يستحقه لو بقي بعد وفاة أصله، على ألا يتجاوز الثلث، وإذا كان هذا غاية القانون فكل الأحكام تتجه إلى جعل هذه الوصية ميراثا، ولذا تجب من غير إيجاب، وإذا وجبت صارت لازمة لا تقبل عدم التنفيذ، وبذلك تشابهت مع الميراث. اهـ.

ومما يدل بالقطع على أن سبيل الوصية الواجبة هو سبيل الميراث، ولا علاقة له بحقيقة الوصية الشرعية التي عمل بها المسلمون على مر العصور، أن الجد لو أوصى بالفعل لأحفاده ولكن بأقل مما يوجبه هذا القانون، فإنهم يوجبون بحكم القانون إكمال مقدار الوصية الواجبة، وهذا باطل بلا مرية!! ومن دلائل ذلك أيضا أن قانون الوصية الواجبة لا يفرق بين المحتاج وغيره من الأحفاد، فلو افترضنا أن رجلا عنده ثلاثة أبناء، أحدهم في غاية الثراء والآخران في غاية الفقر، فمات هذا الثري في حياة أبيه، فستنتقل ثروته لابنه ولا يرث أعمام هذا الابن من أخيهم شيئا، فإذا مات الجد بعد ذلك فالشرع والعقل ومراعاة الحال يقتضي انتقال ثروة الجد لأبنائه المباشرين ولا يرث حفيده هذا شيئا، ولكن بمقتضى قانون الوصية الواجبة سيشارك هذا الحفيد الثري أعمامه الفقراء ويأخذ مثل نصيبهم. فهل مثل هذا يقبل في الشرع أو في العقل. ؟؟!!

فإذا ظهر أن هذا القانون يجعل نصيب الأحفاد ميراثا في الحقيقة لا وصية، فلا يخفى بطلانه من هذه الحيثية، فإنه لا يصح اتفاقا التدخل في الميراث الشرعي، لا في تعيين الورثة ولا في أنصبتهم، فإن الله تعالى هو الذي تولى بنفسه قسمة الميراث ثم قال: تلك حدود الله ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم * ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارا خالدا فيها وله عذاب مهين. {النساء: 13-14}. ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى لكل ذي حق حقه فلا وصية لوارث.  رواه الترمذي وأبو داود وابن ماجه وأحمد وصححه الألباني.

فإلزام الناس بعد ذلك بما سبيله سبيل الميراث ما هو إلا افتيات على هذه الشريعة المحكمة، ومثل هذا تضيع به المصالح وتفوت به المنافع، لا كما يقوله البعض من أن هذا القانون جاء لسد ثلمة في نظام الميراث الإسلامي!! وهذا لا يقوله من تدبر قوله تعالى في سياق قسمة المواريث: آباؤكم وأبناؤكم لا تدرون أيهم أقرب لكم نفعا. {النساء: 11}.

 قال البغوي: أي: لا تعلمون أيهم أنفع لكم في الدين والدنيا، فمنكم من يظن أن الأب أنفع له، فيكون الابن أنفع له، ومنكم من يظن أن الابن أنفع له فيكون الأب أنفع له، وأنا العالم بمن هو أنفع لكم، وقد دبرت أمركم على ما فيه المصلحة فاتبعوه. اهـ.

وقال السعدي: فلو رد تقدير الإرث إلى عقولكم واختياركم لحصل من الضرر ما الله به عليم، لنقص العقول وعدم معرفتها بما هو اللائق الأحسن، في كل زمان ومكان. فلا يدرون أي الأولاد أو الوالدين أنفع لهم، وأقرب لحصول مقاصدهم الدينية والدنيوية. اهـ.

وأما مسألة الأمثلة المذكورة في السؤال، فإنها ليست هي الأصل ولا العمدة، وإنما هي للتقريب فقط، ومن ناحية أخرى فإن من يأخذ قدرا من التركة بإيصاء الموصي واختياره، لا يصح أن يقارن نصيبه بنصيب أحد من الورثة ذكرا كان أو أنثى، فسبيل الوصية الشرعية غير سبيل الميراث، فالوصية إنما يحدد قدرها صاحب المال باختياره، وأما الميراث فقد تولى الله تعالى قسمته بنفسه. وقد سبق لنا إيضاح أن قانون الوصية الواجبة ينحى بها نحو الميراث قطعا، وقد أقر بذلك من لا يعترض على هذا القانون من الفقهاء المعاصرين.

ثم من اللازم أن ينتبه السائل إلى أن الميراث ليس هو الحل الوحيد لمعالجة مشكلة الفقر والحاجة سواء للأحفاد أو غيرهم، بل هناك تدابير شرعية أخرى لهذه المشكلة، منها استحباب الوصية للأقارب المحتاجين من غير الورثة، ثم ندب الورثة أنفسهم إلى الرضخ من غير وصية لغير الوارثين ممن حضر القسمة من أولى القربى واليتامى والمساكين، ثم أنواع الزكوات والصدقات والصلات، ثم بعد ذلك كله أمر النفقات الواجبة.

 قال الدكتور يوسف القرضاوي وهو ممن لا يعارض قانون الوصية: هناك أمر آخر يتدارك الشرع به مثل هذا الموقف، وهو أنه كان على الأعمام حين اقتسموا تركة أبيهم أن يعطوا شيئا من هذه التركة لأولاد أخيهم وهذا ما نص عليه القرآن، حيث قال في سورة النساء التي ذكرت فيها المواريث: وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا. {النساء:8}. إذ كيف يحضر هؤلاء القسمة والأموال توزع وهم ينظرون ولا يعطون شيئا؟ وقد قدم أولي القربى لأنهم أحق، فما بالك بأبناء الأخ اليتامى الذي كان أبوهم واحدا منهم، فكان على الأعمام أن يعطوا هؤلاء شيئا يتفق عليه الأعمام بحيث يكون كافيا يكفل حاجتهم، وخاصة إذا كانت التركة كبيرة. وإذا كان الجد مقصرا، فقد كان على الأعمام أن يتداركوا هذا التقصير ويعطوا هؤلاء لأنهم من أقرب أولي القربى. ثم هناك أمر ثالث يتدارك به الشرع هذا الموقف وهو: قانون النفقات في الإسلام. إن الإسلام تميز عن سائر الشرائع بفرض النفقة على الموسر من أجل قريبه المعسر، وخاصة إذا كان من حق أحدهما أن يرث الآخر، كما هو المذهب الحنبلي، وكذلك إذا كان ذا رحم محرم كما هو المذهب الحنفي . وذلك مثل ابن الأخ. ففي هذه الحالة تكون النفقة واجبة، وتحكم بها المحكمة، إذا رفعت إليها قضية من هذا القبيل. إنه لا ينبغي للعم أن يكون ذا بسطة وثروة، وعنده بنات أخيه أو أبناء أخيه وليس لديهم شيء ومع هذا يدعهم، ويدع أمهم المسكينة تكدح عليهم وهو من أهل اليسار والغنى ... هذا لا يجوز في شرع الإسلام. بهذا انفرد شرع الإسلام وتميز. اهـ.

وأخيرا ننبه السائل على أن هذا القانون فيه قصور ظاهر لا يختلف فيه اثنان، حيث راعى نوعا واحدا من الأقارب غير الوارثين، وهم الأحفاد، ولم يراع مثلا: الأجداد والجدات غير الوارثين، مع أنهم لا يقلون في حاجتهم عن الأحفاد، بل غالبا ما يكونون عجزة ومرضى وغير قادرين على الكسب، فلماذا يعطي القانون بنت البنت ولا يعطي أم الأب مثلا؟!

وختاما ننبه السائل على أننا لم ننقل عن كتاب الشيخ أبي زهرة إلا لأن السائل استشهد به، وإلا فلم نذكره قبل ذلك في أي من فتاوانا ولم نستند إليه، كما يدعي السائل، بل أحلنا على كتاب. أحكام الوصايا في الفقه الإسلامي. للدكتور علي بن عبد الرحمن الربيعة.

ويمكن لمزيد الفائدة الاطلاع على الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 115201، 22734، 103528.

والله أعلم.

 

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات