موقف القساوسة من الإسلام

0 321

السؤال

هل القساوسة وكبار رجال الدين المسيحى يعلمون أن الإسلام هو دين الحق، وأن التوراة والإنجيل الذي بين أيديهم محرفان أم أنهم لا يعلمون ذلك؟ أم أنهم يعلمون ذلك ولكنهم ينكرون؟ فإذا كانوا يعلمون ذلك وينكرون فلماذا ينكرون؟ وهل هم على اقتناع بالإسلام أم لا؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
 

فما كل مريد للحق يصيبه، وليس كل من عرف الحق يتبعه، بل كثير ممن يعرف الحق يرده ويرفضه، استكبارا أو جحودا أو حسدا أو إيثارا للدنيا وزهرتها، فهذه أسباب وبواعث رد الحق بعد العلم به، وإلا فلماذا كفر إبليس وقد عرف الحق وعمل به ردحا من الزمان، وقد صرح القرآن بذلك في مواضع كثيرة. كما قال تعالى: إن الذين يجادلون في آيات الله بغير سلطان أتاهم إن في صدورهم إلا كبر ما هم ببالغيه. {غافر: 56}.

وقال سبحانه: وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا (42) استكبارا في الأرض ومكر السيئ {فاطر:42،41}.

وقال عز وجل: ولما جاءهم كتاب من عند الله مصدق لما معهم وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به فلعنة الله على الكافرين*بئسما اشتروا به أنفسهم أن يكفروا بما أنزل الله بغيا أن ينزل الله من فضله على من يشاء من عباده فباءوا بغضب على غضب وللكافرين عذاب مهين*وإذا قيل لهم آمنوا بما أنزل الله قالوا نؤمن بما أنزل علينا ويكفرون بما وراءه وهو الحق مصدقا لما معهم.{البقرة: 91،90،89}.

وقال تبارك وتعالى: ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون. {البقرة: 101}. وقال جل وعلا: ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفارا حسدا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق. {البقرة: 109}. وقال عز من قائل: الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناءهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون. {البقرة: 146}. وقال تعالى : يا أيها الذين آمنوا إن كثيرا من الأحبار والرهبان ليأكلون أموال الناس بالباطل ويصدون عن سبيل الله {التوبة: 34}.

قال ابن كثير: وذلك أنهم يأكلون الدنيا بالدين ومناصبهم ورياستهم في الناس، يأكلون أموالهم بذلك، كما كان لأحبار اليهود على أهل الجاهلية شرف، ولهم عندهم خرج وهدايا وضرائب تجيء إليهم، فلما بعث الله رسوله، صلوات الله وسلامه عليه استمروا على ضلالهم وكفرهم وعنادهم، طمعا منهم أن تبقى لهم تلك الرياسات، فأطفأها الله بنور النبوة، وسلبهم إياها، وعوضهم بالذلة والمسكنة، وباءوا بغضب من الله. وقوله تعالى: { ويصدون عن سبيل الله } أي: وهم مع أكلهم الحرام يصدون الناس عن اتباع الحق، ويلبسون الحق بالباطل، ويظهرون لمن اتبعهم من الجهلة أنهم يدعون إلى الخير، وليسوا كما يزعمون، بل هم دعاة إلى النار، ويوم القيامة لا ينصرون. اهـ.

وقال ابن عاشور: والمقصود من هذا التنبيه أن يعلم المسلمون تمالؤ الخاصة والعامة من أهل الكتاب على الضلال وعلى مناوأة الإسلام، وأن غرضهم من ذلك حب الخاصة الاستئثار بالسيادة، وحب العامة الاستئثار بالمزية. اهـ. وراجع في ذلك الفتوى رقم: 14716 ، ولمزيد الفائدة يمكن الاطلاع على الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 118616، 54711، 19694، 74500، 71026.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة