السؤال
سؤالي هو: ما حكم من صدق نظرية ملحد كاذبة وعمل بها حتى وافته المنية هل يدخله الله النار أم يمتحنه؟ وسؤالي الثاني هو: أن هناك ظواهر طبيعية تحدث مثلا لقد استشهد رجل وولدت امرته طفلا مختوم على خده اسم أبيه، ولكن لماذا لم يكتب بخط جميل ماذا نسمى هذه الظاهرة هل هي معجزة أم ماذا؟ إن الله قادر أن يكتبه بخط جميل أرجو الجواب فهناك ملاحدة يستغلون هذا الشيء؟ ولماذا الكافر عند ما يموت أحد أقاربه لا يأتيه بالحلم وقد يأتي والله أعلم فلماذا لا يسلمون قد يخبره عما يراه هذا الميت؟ وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالإلحاد في عصرنا يطلق على الذين لا يؤمنون بوجود رب خالق, فيقولون بالصدفة والطبيعة ونحو ذلك، ومن نظرياته المشهورة نظرية دارون المعروفة بنظرية التطور أو النشوء والارتقاء، والتي سبق أن بينا بطلانها ومصادمتها التامة للدين في الفتوى رقم: 4755. ومثل هذه النظرية من اعتقدها وصدق بها فليس له من الإسلام سهم ولا نصيب، وإن كان قد ولد لأبوين مسلمين ثم اعتنقها حال بلوغه فهو مرتد، وكذلك سائر نظريات الإلحاد، كما سبق بيانه في الفتوى رقم: 38920. ولا يخفى أن من مات ملحدا والعياذ بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار خالدا مخلدا فيها.
وأما الحدث المذكور في السؤال من ولادة هذا الطفل على هذا النحو، فإن وقع بالفعل، فليس هناك كبير فرق بين الخط الجميل وغيره، فأصل الحدث هو الذي يستدعي الانتباه وتترتب عليه الفائدة، وليس جمال الخط هو المعتبر. وهذا إن حصل حقيقة فهو آية من آيات الله تعالى القائل: سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق. {فصلت: 53}.
قال ابن كثير: يحتمل أن يكون المراد من ذلك ما الإنسان مركب منه وفيه وعليه من المواد والأخلاط والهيئات العجيبة، كما هو مبسوط في علم التشريح الدال على حكمة الصانع تبارك وتعالى.. اهـ.
وقال السعدي: آياته في الآفاق كالآيات التي في السماء وفي الأرض، وما يحدثه الله تعالى من الحوادث العظيمة، الدالة للمستبصر على الحق، {وفي أنفسهم} مما اشتملت عليه أبدانهم من بديع آيات الله وعجائب صنعته وباهر قدرته.. {حتى يتبين لهم} من تلك الآيات بيانا لا يقبل الشك أنه الحق. وما اشتمل عليه حق. وقد فعل تعالى، فإنه أرى عباده من الآيات ما به تبين لهم أنه الحق، ولكن الله هو الموفق للإيمان من شاء، والخاذل لمن يشاء. اهـ. وراجع للفائدة الفتويين: 38994، 55100.
فتبين بذلك أن ظهور الآيات التي هي أكبر من مجرد المنامات التي ذكرها السائل في سؤاله، لن تأتي ثمرتها مع كل أحد، فهناك من الناس من يعلم الحق ويتيقنه ولكنه لا يقبله ولا يذعن له، إما كبرا، وإما حسدا، وإما هوى، والعياذ بالله، كما قال الله تعالى: وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم ظلما وعلوا. {النمل: 14}. قد ذكرنا طرفا من كلام ابن القيم في بيان الأسباب المانعة من قبول الحق، وكذلك بعض أسبابه النفسية في الفتوى رقم: 132511.
والله أعلم.