تعدد الزوجات مبناه على الإباحة

0 438

السؤال

سمعت بأن الأصل في الزواج التعدد والاستثناء هو الواحدة، وبأنه إذا كان الرجل قادرا على التعدد والعدل بينهم والنفقة ولم يعدد يكون آثما خاصة في زماننا. فهل هذا صحيح؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فالقول بأن من يقدر على التعدد في زماننا يأثم بتركه، قول غير صحيح ولا نعرف قائلا به من أهل العلم قديما أو حديثا، وانظر رقم: 49115.

أما القول بأن الأصل في الزواج التعدد وأن الاقتصار على الواحدة استثناء فقد اشتهر على ألسنة بعض العوام وينسب لبعض العلماء المعاصرين لكنه ليس مشهورا -فيما نعلم- عن أهل العلم المتقدمين من أئمة التفسير والفقه والحديث، وربما يستدل من يقول ذلك بالترتيب في قوله تعالى: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى.. {النساء:3}، لكن المتأمل لسياق الآية يعلم أن هذا الاستدلال غير مسلم، فإن الآية تحذر من ظلم اليتيمات اللاتي تحت ولاية الرجل وتبين له أن الله قد أباح له غيرهن من النساء، فكان من المناسب في هذا السياق أن يبدأ بإباحة التعدد لبيان أن الرجل بما وسع الله عليه بإباحة الأربع في مندوحة عن زواج اليتيمة التي يخشى ظلمها، فالآية إنما تدل على إباحة التعدد ووجوب العدل بين الزوجات.

قال السعدي في تفسير الآية: أي: وإن خفتم ألا تعدلوا في يتامى النساء اللاتي تحت حجوركم وولايتكم وخفتم أن لا تقوموا بحقهن لعدم محبتكم إياهن، فاعدلوا إلى غيرهن، وانكحوا (ما طاب لكم من النساء)... ثم ذكر العدد الذي أباحه من النساء فقال (مثنى وثلاث ورباع) أي: من أحب أن يأخذ اثنتين فليفعل، أو ثلاثا فليفعل، أو أربعا فليفعل ولا يزيد عليها. تفسير السعدي.

 وهذا هو الحكم الصحيح لتعدد الزوجات مع أمن الجور عند الإطلاق وهو الإباحة، بل ذهب بعض العلماء إلى أن الاقتصار على الواحدة عند عدم الحاجة أفضل من التعدد.

 قال الشربيني: ويسن أن لا يزيد على امرأة واحدة من غير حاجة ظاهرة. مغني المحتاج.

وقال المرداوي: ويستحب أيضا أن لا يزيد على واحدة إن حصل بها الإعفاف على الصحيح من المذهب. الإنصاف.

 وقال البهوتي: ويسن نكاح واحدة لأن الزيادة عليها تعريض للمحرم. الروض المربع.

 لكن قد يطرأ على الرجل من الأحوال ما يغير هذا الحكم في حقه إلى الاستحباب أو الكراهة أو التحريم، وانظر لذلك الفتوى رقم: 116176.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة