السؤال
أرجو منكم التكرم بالإجابة عن السؤال التالي: إن الأذان سنة مؤكدة للصلوات بالجماعات، لكن اليوم لا يؤذن في كل مسجد، بل يؤذن المؤذن في المسجد المركزي، وينشر هذا الأذان في المساجد الأخرى بواسطة القمر الصناعي.
فالسؤال إلى معالي حضرتكم:
1. هل تكون سنة الأذان مؤداة في كل مسجد أم لا؟
2. إن كان جوابكم بالإثبات، فما هو تأويل العبارات الآتية عن كتب الأئمة الثلاثة -أبي حنيفة، ومالك، وأحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى أجمعين-: المبسوط للسرخسي: قال: ولا يجوز لأهل المسجد أن يقتسموا المسجد، وينصبوا وسطه حائطا؛ لأن بقعة المسجد تحررت عن حقوق العبد، فصار خالصا لله تعالى، والقسمة من التصرفات في الملك، فلا يشتغل بها في المسجد، كالزراعة، وغيرها، فإن فعلوا ذلك، فليصل كل فريق منهم بإمام ومؤذن على حدة، ما لم ينتقضوا القسمة؛ لأنهما في حكم مسجدين متجاورين، فينبغي أن يكون لكل واحد منهما إمام ومؤذن على حدة. والله أعلم.
بداية المجتهد: اختلف العلماء في حكم الأذان هل واجب، أو سنة مؤكدة؟ وإن كان واجبا، فهل هو من فروض الأعيان، أو من فروض الكفاية؟ فقيل عن مالك: إن الاذان هو فرض على مساجد الجماعات، وقيل: سنة مؤكدة، ولم يره على المنفرد، لا فرضا، ولا سنة. وقال بعض أهل الظاهر: واجب على الأعيان، وقال بعضهم: على الجماعة، كانت في سفر، أو في حضر، وقال بعضهم: على الأعيان في السفر.
واتفق الشافعي وأبو حنيفة على أنه سنة للمنفرد، والجماعة، إلا أنه آكد في حق الجماعة.
قال أبو عمر: واتفق الكل على أنه سنة مؤكدة، أو فرض على المصري؛ لما ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سمع النداء لم يغز، وإذا لم يسمعه أغار.
والسبب في اختلافهم: معارضة المفهوم من ذلك لظواهر الآثار؛ وذلك أنه ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمالك بن الحويرث، ولصاحبه: إذا كنتما في سفر، فأذنا، وأقيما، وليؤمكما أكبركما. وكذلك ما روي من اتصال عمله به صلى الله عليه وسلم في الجماعة. فمن فهم من هذا الوجوب مطلقا، قال: إنه فرض على الاعيان، أو على الجماعة، وهو الذي حكاه ابن المفلس عن داود، ومن فهم منه الدعاء إلى الاجتماع للصلاة، قال: إنه سنة في المساجد، أو فرض في المواضع التي يجتمع إليها الجماعة. فسبب الخلاف: هو تردده بين أن يكون قولا من أقاويل الصلاة المختصة بها، أو يكون المقصود به هو الاجتماع.
مواهب الجليل في شرح مختصر الشيخ خليل:(فرع) قال ابن عرفة : أذان مسجدين متلاصقين، أو متقاربين، أو أحدهما فوق الآخر، لا يكفي عنه في الآخر. انتهى.
وفي سماع موسى من كتاب الصلاة: سئل ابن القاسم عن مسجد بين قوم فتنازعوا فيه، واقتسموه بينهم، فضربوا وسطه حائطا، أيجوز أن يكون مؤذنهم واحدا، وإمامهم واحدا؟ قال ابن القاسم: ليس لهم أن يقتسموه؛ لأنه شيء سبلوه لله تعالى، وإن كانوا بنوه جميعا، وقال أشهب مثله، ولا يجزيهم مؤذن واحد، ولا إمام واحد، قال محمد بن رشد: وهذا كما قال ليس لهم أن يقتسموه؛ لأن ملكهم قد ارتفع عنه حين سبلوه، فإن فعلوا، فله حكم المسجدين في الأذان والإمام حين فصلوا بينهما بحائز، يبين كل واحد منهما عن صاحبه، وإن كان ذلك لا يجوز لهم. انتهى.
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير: (سن الأذان) ويصح إرادة الثاني على حذف المضاف، أي: فعله إذ لا تكليف إلا بفعل (لجماعة طلبت غيرها) للصلاة بكل مسجد، ولو تلاصقت، أو بعضها فوق بعض، وبكل موضع جرت العادة فيه بالاجتماع.
حاشية الصاوي على الشرح الصغير: (الأذان سنة مؤكدة بكل مسجد) ولو تلاصقت المساجد.
الفروع لابن مفلح: وفي المستوعب: متى أذن واحد سقط عمن صلى معه مطلقا خاصة، وقيل: يستحب أن يؤذن اثنان.
الإنصاف: وقال في المستوعب: متى أذن واحد سقط عمن صلى معه، لا عمن لم يصل معه، وإن سمعه، سواء كان واحدا أو جماعة في المسجد الذي صلى فيه بأذان أو غيره.