السؤال
أنا متزوجة من 12 سنة، وأعاني من أن زوجي إذا زارني أهلي يفعل لنا النكد بالبيت أمامهم حتى كرهوا أن يأتوا عندي مع أنهم لا يأتون إلا نادرا ولصلة الرحم. وإذا أردت أن أزوهم نفس الشيء، وقال لأمي إن الأم لا تزور ابنتها إلا وزوجها خارج المنزل، مع أنهم لا يقولون لي شيئا سيئا عنه وبالعكس يحترمونه. ولا يريد أن يأتي أهلي بهدايا لي ولأولادي أو عيديات وكل ما نتناقش ندخل في مشاكل دون حل؟ فما حكم ذلك ؟
مع العلم أني أحب أهلي ولا أجد عند أهله أي حب وأنا عندهم غريبة ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن صلة الأرحام واجبة، وقد أكد الله عليها، وحذر من قطعها، فقال الله سبحانه: واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا. {النساء:1}.
وقال سبحانه: والذين يصلون ما أمر الله به أن يوصل ويخشون ربهم ويخافون سوء الحساب. {الرعد:21}.
يقول السعدي رحمه الله عند تفسيره لهذه الآية: وهذا عام في كل ما أمر الله بوصله، من الإيمان به وبرسوله، ومحبته ومحبة رسوله، والانقياد لعبادته وحده لا شريك له، ولطاعة رسوله، ويصلون آباءهم وأمهاتهم ببرهم بالقول والفعل وعدم عقوقهم، ويصلون الأقارب والأرحام، بالإحسان إليهم قولا وفعلا ويصلون ما بينهم وبين الأزواج والأصحاب والمماليك، بأداء حقهم كاملا موفرا من الحقوق الدينية والدنيوية. انتهى.
وقد قرن الله عز وجل قطيعة الرحم بالفساد في الأرض، فقال تعالى: فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم. {محمد:22، 23}.
وفي الصحيحين عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من سره أن يبسط له في رزقه أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه.
وقال صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: أنا الرحمن، خلقت الرحم، وشققت لها من اسمي اسما، فمن وصلها وصلته، ومن قطعها بتته. رواه البخاري وأحمد وهذا لفظ أحمد.
والواجب على المسلم أن يصل أرحامه، وأن يعين غيره على وصل أرحامهم - خصوصا إذا كانوا من رعيته - لا أن يكون حجر عثرة دون التواصل بين الأقارب والأرحام فإن هذا نوع من الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف وهو من صفات المنافقين، والزوجة والأبناء هم رعية الرجل، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير الذي على الناس راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته وهو مسؤول عنهم.... الحديث رواه البخاري ومسلم.
ومنع الرجل أهل زوجته الأقربين - كوالديها وأجدادها وإخوتها من النسب وأولادها من غير زوجها - من الدخول عليها غير جائز.
قال في حاشية الصاوي: وليس له منع أبويها وولدها من غيره أن يدخلوا لها.. وكذا الأجداد وولد الولد والإخوة من النسب، بخلاف الأبوين، وما بعدهما من الرضاع، فله المنع منه. انتهى.
ويستثنى من ذلك ما إذا علم الزوج أنهم سيفسدون عليه زوجته أو سيلحق به الضرر بسبب زيارتهم هذه فله حينئذ منعهم.
قال المرداوي في الإنصاف -حنبلي-: الصواب في ذلك: إن عرف بقرائن الحال: أنه يحدث بزيارتهما أو أحدهما له ضرر، فله المنع ، وإلا فلا. انتهى.
وأيضا فلا يجوز له أن يمنع أهلك من الإهداء إليك وإلى أحفادهم.
والله أعلم.