تفسير: في البقعة المباركة من الشجرة

0 282

السؤال

قال تعالى( فلما أتاها نودي من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة) قرأت في التفاسير أن الله قد نادى موسى عليه السلام من جانب الواد الأيمن لموسى عليه السلام من ناحية الشجرة، ولكن هل يجوز أيضا أن نقول إن هذه البقعة المباركة إنها مباركة من تلك الشجرة، أي أن البقعة مباركة من الشجرة لكون الشجرة فيها نور، فقد أصبحت البقعة مباركة أيضا بهذا النور الذي جعل الشجرة مباركة هي ومن حولها. وقد قال تعالى: بورك من في النار ومن حولها؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فهذا الذي ذكره السائل الكريم محتمل، وإن كان خلاف المشهور الذي نص عليه أكثر المفسرين، حيث نصوا على أن قوله تعالى (من الشجرة) بدل من قوله (من شاطئ). قال الألوسي في (روح المعاني): (من الشجرة) بدل من قوله تعالى: (من شاطئ) أو الشجرة فيه بدل من شاطئ، وأعيد الجار لأن البدل على تكرار العامل، وهو بدل اشتمال؛ فإن الشاطئ كان مشتملا على الشجرة إذ كانت نابتة فيه ... نعم جوز فيها أن تكون للتعليل كما في قوله تعالى: (مما خطيئاتهم أغرقوا) متعلقة بالمباركة، أي البقعة المباركة لأجل الشجرة. وقيل: يجوز تعلقها بالمباركة مع بقائها للابتداء على معنى أن ابتداء بركتها من الشجرة. اهـ.

وقال الماوردي في (النكت والعيون): إن قيل: فكيف أضاف البركة إلى البقعة دون الشجرة، والشجرة بالبركة أخص؛ لأن الكلام عنها صدر ومنها سمع ؟ قيل: عنه جوابان :

ـ أحدهما: أن الشجرة لما كانت في البقعة أضاف البركة إلى البقعة لدخول الشجرة فيها، ولم يخص به الشجرة فتخرج البقعة، وصار إضافتها إلى البقعة أعم.

ـ الثاني: أن البركة نفذت من الشجرة إلى البقعة فصارت البقعة بها مباركة، فلذلك خصها الله بذكر البركة، قاله ابن عباس. اهـ.

والذي عليه أكثر المفسرين أن حرف (من) في قوله تعالى: (من الشجرة) متعلق بالنداء المذكور في الآية، ومعناها لابتداء الغاية، كـ (من) الأولى في قوله تعالى (من شاطئ). قال ابن عاشور في (التحرير والتنوير): قوله {من الشجرة} يجوز أن يتعلق بفعل {نودي} فتكون الشجرة مصدر هذا النداء وتكون {من} للابتداء، أي سمع كلاما خارجا من الشجرة. ويجوز أن يكون ظرفا مستقرا نعتا ثانيا للوادي أو حالا فتكون {من} اتصالية، أي متصلا بالشجرة، أي عندها، أي البقعة التي تتصل بالشجرة. اهـ.

وقال العلامة الشنقيطي في (أضواء البيان): قوله تعالى: {من شاطئ الواد الأيمن في البقعة المباركة من الشجرة} قال الزمخشري في (الكشاف): {من} الأولى والثانية لابتداء الغاية. أي أتاه النداء من شاطئ الوادي من قبل الشجرة و {من الشجرة} بدل من قوله: {من شاطىء الواد الأيمن} بدل اشتمال؛ لأن الشجرة كانت نابتة على الشاطئ؛ كقوله: {لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم} اهـ.

وعلى كونها بدلا نص أكثر المفسرين، كأبي حيان والقرطبي والرازي والبيضاوي والنسفي والجلال السيوطي والخطيب الشربيني.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات