السؤال
اشتريت منزلا، وبعد فترة من الزمن مات أصحاب هذا المنزل ووجدت به كنزا من المال. فهل يحل لي هذا المال؟
اشتريت منزلا، وبعد فترة من الزمن مات أصحاب هذا المنزل ووجدت به كنزا من المال. فهل يحل لي هذا المال؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فنريد أولا التنبيه إلى أن الكنز إذا وجد فإنه يجب أن يخرج خمسه لمصارف الزكاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: وفي الركاز الخمس. كما في صحيح البخاري. وأما الأربعة الأخماس الباقية فإن أهل العلم قد اختلفوا فيها، فمنهم من ذهب إلى أن الكنز المعثور عليه في الأرض المشتراة يكون لمالك الأرض الأول أو لوارثه، وهذا هو ما عليه الجمهور.
وذهب البعض إلى أنه للمالك الأخير، ورأى البعض أنه لواجده ولو غير مالك للأرض. وإليك تفصيل مذاهب أهل العلم في هذا.
جاء في الموسوعة الكويتية: إذا انتقل الملك عن طريق الإرث ووجد فيه ركازا فلا خلاف بين الفقهاء في أنه لورثته. أما لو انتقل إليه ببيع أو هبة ووجد فيه ركازا فقد اختلف الفقهاء في من يكون له الركاز. فذهب جمهور الفقهاء (المالكية والشافعية وأبو حنيفة ومحمد وهي رواية عن أحمد) إلى أنه للمالك الأول أو لوارثه لو كان حيا; لأنه كانت يده على الدار فكانت على ما فيها. قال ابن عابدين نقلا عن البحر: إن الكنز مودع في الأرض فلما ملكها الأول ملك ما فيها, ولا يخرج ما فيها عن ملكه ببيعها كالسمكة في جوفها درة.
وذهب أبو حنيفة ومحمد إلى أنه إذا لم يعرف المالك الأول ولا ورثته فيوضع الركاز في بيت المال على الأوجه. وهو قول المالكية.
قال في الشرح الصغير: وهو الظاهر بل المتعين. والقول الثاني للمالكية: أنه لقطة. وذهب أحمد في رواية - وأبو يوسف وبعض المالكية إلى أن الركاز الباقي بعد الخمس للمالك الأخير, لأنه مال كافر مظهور عليه في الإسلام, فكان لمن ظهر عليه كالغنائم; ولأن الركاز لا يملك بملك الأرض لأنه مودع فيها, وإنما يملك بالظهور عليه, وهذا قد ظهر عليه فوجب أن يملكه.
وقد صحح في المغني هذه الرواية, ثم قال: لأن الركاز لا يملك بملك الدار لأنه ليس من أجزائها, وإنما هو مودع فيها, فينزل منزلة المباحات من الحشيش والحطب والصيد يجده في أرض غيره فيأخذه فيكون أحق به. وقال ابن عابدين: قال أبو يوسف: الباقي للواجد كما في أرض غير مملوكة, وعليه الفتوى, وبه قال أبو ثور. اهـ.
وما ذهب إليه الجمهور هو الأورع لك، وعليه فإنك تسلم الكنز إلى ورثة الملاك الأوائل للأرض إن علموا، وإن لم يعلموا وضعته في بيت مال المسلمين إن كان منتظما، وإلا وضعته في مصالح المسلمين العامة.
ولو أنك انتفعت به لنفسك لكنت آخذا بقول كثير من أهل العلم وله نصيب من النظر.
وهذا كله على افتراض أن الكنز المعثور هو مما دفعه أهل الجاهلية أي أنه مما كان قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، أما إذا كان من مدفون أهل الإسلام فالظاهر أنه لقطة تطبق عليه أحكامها.
والله أعلم.