السؤال
هل يجوز أكل الأكل المنسي الذي لا يعرف صاحبه، ويترتب على نسيانه فساده؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الطعام الضائع الذي لا يعرف صاحبه، هو المعروف شرعا باللقطة.
فإن كان يسيرا لا تتبعه همة أوساط الناس -كتفاحة مثلا-، فإنه يملكه آخذه بلا تعريف، ويتصرف فيه كيف شاء بالأكل، أو غيره، ولا يضمنه لصاحبه.
وأما إن كان مما تتبعه همة أوساط الناس: فإنما يجوز أكله مع ضمانه لصاحبه متى عُثر عليه، إن كان لا يمكن حفظه بالتجفيف، أو التبريد، أو غيره.
وللعلماء تفصيل -طويل- حول كيفية التصرف في اللقطة التي يخشى فسادها، جاء في «الموسوعة الفقهية الكويتية»:
من التقط ما لا يبقى، ويفسد بالتأخير، كاللحم، واللبن، والفواكه، فإنه يعرفه إلى أن يخشى فساده، ثم يتصدق به؛ خوفا من الفساد. وهذا عند الحنفية، وهو الأولى عند المالكية. وقال الشافعية: من التقط شيئا مما يسرع فساده، ولا يبقى بعلاج، فإن آخذه يتخير بين خصلتين: فإن شاء باعه استقلالا، إن لم يجد حاكما، وبإذنه إن وجده، وعرف المبيع بعد بيعه؛ ليتملك ثمنه بعد التعريف، وإن شاء تملكه في الحال، وأكله، وغرم قيمته، وإن أمكن بقاء ما يسرع فساده بعلاج، كرطب يتجفف، فإن كانت الغبطة في بيعه بيع جميعه بإذن الحاكم إن وجده، وإلا باعه استقلالا، وإن كانت الغبطة في تجفيفه، وتبرع به الواجد له، أو غيره، جففه، لأنه مال غيره، فروعي فيه المصلحة؛ كولي اليتيم، وإن لم يتبرع بتجفيفه بيع بعضه بقدر ما يساوي التجفيف لتجفيف الباقي، طلبا للأحظ. وقال الحنابلة: من التقط ما لا يبقى عاما، وكان مما لا يبقى بعلاج، ولا غيره، فهو مخير بين أكله، وبيعه، وحفظ ثمنه، فإن أكله ثبتت القيمة في ذمته، وإن باعه، وحفظ ثمنه جاز، وله أن يتولى بيعه بنفسه دون حاجة إلى إذن الحاكم، وعن أحمد: له بيع اليسير، وإن كان كثيرا دفعه إلى السلطان، وإن أكله، أو باعه حفظ صفاته، ثم عرفه عاما. وإن كان ما التقطه مما يمكن إبقاؤه بالعلاج، كالعنب، والرطب، فينظر ما فيه الحظ لصاحبه: فإن كان في التجفيف جففه، ولم يكن له إلا ذلك، وإن احتاج التجفيف إلى غرامة باع بعضه في ذلك، وإن كان الحظ في بيعه باعه، وحفظ ثمنه، وإن تعذر بيعه، ولم يمكن تجفيفه تعين أكله، وإن كان أكله أنفع لصاحبه، فله أكله؛ لأن الحظ فيه. انتهى.
والله أعلم.
يمكنك البحث عن الفتوى من خلال البريد الإلكتروني