السؤال
أنا فتاة جامعية، تعرفت من فترة قريبة على زميلة لي، أحسبها والله على خير ولا أزكيها على الله، هي إنسانة خلوقه ومتفوقة وعلى قدر كبير من الالتزام ومعرفه أمور الدين، حيث إنها تهتم بذلك كثيرا، وتحضر الكثير من الدروس وحلقات العلم، ولكن سؤالي هو أني على اختلاف معها فى ذهابها لزيارة صديقاتها "بدون أمر هام كفرح أو مرض أو غير ذلك" وهن لسن من نفس مكان سكنها، بل تضطر أن تركب أكثر من وسيلة مواصلات، وغير ذلك أنها تبيت عند إحداهن، وعندما تحدثت معها قالت لي: إن أهلها تعرفوا على أهل صديقتها هذه وإن والدها مسافر، وليس لها إخوة. فما المانع؟ مع العلم أن صديقتها هذه ليست من نفس المكان، بل المسافة بينهما تزيد على الساعة بالسيارة، فأنا أريد أن أعرف هل وجهة نظري صواب أم لا، فهل حقا يجوز للفتاة أن تزور صديقاتها في أماكن ليست بقريبة منها، بل وتبيت خارج بيت أبيها بزعم أن أهلها يوافقونها على ذلك ولا يرون فى ذلك أي شيء، وإذا كانت صوابا فأريد أدلة أستطيع أن أتحدث بها حتى أتمكن من إقناع من أتحدث إليه؟وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأولى بالمرأة أن تلزم بيتها ولا تخرج منه إلا لحاجة أو ضرورة، فإن قرارها في بيتها خير كبير ندب إليه الشارع وحث عليه، في مثل قوله سبحانه: وقرن في بيوتكن {الأحزاب:33}، وقول الرسول صلى الله عليه وسلم: المرأة عورة، وإنها إذا خرجت استشرفها الشيطان، وإنها لا تكون أقرب من الله منها في قعر بيتها. رواه الطبراني وصححه الألباني. وقوله صلى الله عليه وسلم: صلاة المرأة في بيتها أفضل من صلاتها في حجرتها، وصلاتها في مخدعها أفضل من صلاتها في بيتها. رواه أبو داود وغيره.
وفي مسند الإمام أحمد أن أم حميد امرأة أبي حميد الساعدي جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله إني أحب الصلاة معك، قال: قد علمت أنك تحبين الصلاة معي، وصلاتك في بيتك خير لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك في حجرتك خير لك من صلاتك في دارك، وصلاتك في دارك خير لك من صلاتك في مسجد قومك، وصلاتك في مسجد قومك خير لك من صلاتك في مسجدي. انتهى..
ولكن إن احتاجت المرأة للخروج لصلة الرحم أو عيادة مريض أو قضاء بعض أمورها الدينية أو الدنيوية فلا حرج عليها في ذلك بشرط أن تخرج منضبطه بالأحكام الشرعية من لبس الحجاب الشرعي وغض البصر ولزوم الأدب وترك مخالطة الرجال ونحو ذلك. جاء في الآداب الشرعية لابن مفلح: وقال في رواية الحارث في رجل تسأله أمه أن يشتري لها ملحفة للخروج قال: إن كان خروجها في باب من أبواب البر كعيادة مريض أو جار أو قرابة لأمر واجب لا بأس، وإن كان غير ذلك فلا يعينها على الخروج. انتهى.
وعلى ذلك فلا حرج على هذه الفتاة في خروجها لزيارة بعض صديقاتها أو أخواتها في الله بشرط أن تنضبط بالضوابط الشرعية المذكورة، لكن إن كان المكان الذي تقصده يصدق عليه اسم السفر عرفا فهنا يشترط شرط آخر وهو وجود محرم معها؛ لأن المرأة ممنوعة شرعا من السفر إلا مع ذي محرم منها؛ لما في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسيرة ليلة إلا ومعها ذو محرم منها. هذا لفظ مسلم. وفيهما أيضا: لا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم.
أما مبيتها عند بعض صديقاتها فهذا جائز في الأصل بشرط أمن الفتنة ووجود مكان مستقل لها في البيت تأمن فيه من اختلاطها بالرجال الأجانب، كما بينا ذلك في الفتوى رقم: 10146. ولتحذر في ذلك كله من مخالطة الرجال الأجانب أو الخلوة بهم فإن هذا محرم عليها بلا خلاف؛ لما رواه البخاري ومسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم. وما رواه أحمد والحاكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم فإن ثالثهما الشيطان.
والله أعلم.