السؤال
أنا مبتلى بسلس البول والمذي والمني ـ جميعا، أعاذنا الله وإياكم ـ بحيث إذا خرج أحدهم يستمر خروجه لمدة طويلة قد تصل إلى يوم كامل ـ المني والمذي ـ أما البول: فهو غير منقطع بتاتا.
وسؤالي: حينما أقوم من النوم وأكون قد احتلمت، فكيف أغتسل؟ مع العلم أن المني يستمر بالخروج على شكل دفعات صغيرة جدا، فهل يجوز لي الاغتسال خلال استمرار نزوله؟ أم يجب علي الانتظار حتى ينقطع؟ مع العلم أنه يأخذ قرابة اليوم الكامل بلا انقطاع، ولأنني لو انتظرت انقطاعه فقد أفوت أكثر من فرض بسبب ذلك.
أرجو الإجابة بالتفصيل.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنسأل الله لك العافية، ثم اعلم أن سلس المني يوجب الغسل لكل فرض عند بعض العلماء، قال في أسنى المطالب: فإن كان السلس منيا: فبالغسل لكل فرض يحتاط. انتهى.
ورجح الحنابلة أنه لا يلزم به إلا الوضوء لكل صلاة كسائر الأحداث الدائمة، قال المرداوي في الإنصاف: ثم قال ـ أي ابن تميم ـ فإن صار به سلس المني أو المذي أو البول أجزأه الوضوء لكل صلاة، وقاله القاضي في مسألة المني، ذكره بن تميم. انتهى.
وقال في كشاف القناع: تنبيه: محل وجوب الغسل بخروج المني إذا لم يصر سلسا قاله القاضي وغيره، فيجب الوضوء فقط، لكن قال في المغني والشرح: يمكن منع كون هذا منيا، لأن الشارع وصفه بصفة غير موجودة فيه، وتقدم أن الغسل كالوضوء سبب وجوبه الحدث. انتهى.
ومذهب المالكية: أن سلس المني لا يجب به شيء كسائر الأحداث الدائمة عندهم، قال في مواهب الجليل: فرع: قال في المنتقى: سلس المني لا يجب منه الوضوء، ذكره في إعادة الجنب الصلاة والغسل. والله أعلم.
وقال الشيخ زروق: قد يخرج المني بلا لذة ولا إنعاظ، وهذا لا يجب به شيء على المشهور. انتهى. وهذا ـ والله أعلم ـ مني السلس. انتهى.
وإذا تقرر لك أن سلس المني كسلس سائر الأحداث ـ على الراجح عند كثير من أهل العلم، وأنه يجب فيه الوضوء لكل صلاة بعد دخول وقتها ـ فاعلم أنه لا يضرك نزوله منك حال تطهرك ولا يؤثر ذلك في صحة طهارتك، كما لا يؤثر فيها نزول البول أو المذي، لأن الله تعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها وقد قال تعالى: فاتقوا الله ما استطعتم. { التغابن: 16 }.
وعليه، فإذا احتلمت فإنك تغتسل ـ ولو كان خروج المني مستمرا ـ ثم تصلي، وتبطل طهارتك بخروج الوقت، فتعيد الوضوء فقط بعد دخول وقت الصلاة الأخرى، ولا يضرك الوضوء مع خروج المني، ولو اغتسلت بعد دخول وقت الصلاة احتياطا وخروجا من الخلاف كان ذلك حسنا.
وبخصوص سلس البول والمذي: فانظر فيه الفتوى رقم: 114190.
والله أعلم.