السؤال
تقدم لي زميلي في العمل بطلب الزواج مني . وهو مطلق، وقد وجدت أن سيرته طيبة في العمل ومحبوب بما لديه من حسن خلق ودين.
وقد تقدم لي عدة مرات حتى وافق أهلي على خطبتي إليه. وكانت المشاكل حينها تدور حول المؤخر والأثاث.
فقد غالى أهلي كثيرا في طلباتهم. طلبوا أضعاف ما قد يطلب على أساس أني بكر وأني سأتزوج ممن ليس ببكر. بعد نقاشات طويلة تمت خطبتي له، وقد مر الآن على خطبتي سنة. وعند ما حان الوقت لتحديد موعد الزواج. طلب أهلي منه أن يحضر رقم الهاتف الخاص بطليقته لكي يسألوها عن أسباب تركها له. فهم يرون أن هذا ضروري ليطمئنوا ويتأكدوا حيث إني أمانة فهم يرون أن هذا من واجبهم.
وقد رفض خطيبي هذا الطلب لأنه على علاقة سيئة بطليقته وهو يقول إن هذا جارح له، وقد يسبب له المشاكل، وأنها بالتأكيد سوف تقول كلاما غير صحيح عنه.وقد اقترح عليهم أن نسأل صديقاتها أو جيرانهم لنتأكد دون أن نتصل بها مباشرة. ولكنهم رفضوا وأصروا على الطلب. الآن فسخت خطبتي لأنه رفض هذا الشرط(رقم الهاتف الخاص بطليقته). وليس لشيء في خلقه أو نحو ذلك من الاسباب. أنا أجده أفضل إنسان قد أرغب يوما في الزواج منه. ولا أجد مبررا لوضع كل هذه الشروط والعراقيل أمامه.
السؤال هو: هل يحل لهم منع زواجي بمن هو كفؤ لي لرفضه هذا الشرط. وإن كان هذا فعلا من عضل الولي فهل يجوز دفع هذا الظلم بأن أقول لأهلي كذبا أني كلمت طليقته هاتفيا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دام هذا الرجل مرضيا في دينه وخلقه، ووافقت أنت على الزواج منه فلا يجوز حينئذ لأهلك أن يردوه. وطلبهم أن يسألوا طليقته عن سيرته وأخلاقه من التعسف الظاهر. فإذا أرادوا السؤال عنه فليسألوا زملاءه وجيرانه وأصدقاءه الذين عاشروه وخبروا دينه وخلقه.
وعلى ذلك فإن تعنتوا وأصروا على سؤال طليقته وردوه لهذا السبب فقد وقعوا في العضل المحرم الذي يوجب الإثم ويسقط الولاية كما بيناه في الفتوى رقم: 30347. والفتوى رقم: 25815
أما أن تدعي أنت الاتصال بمطلقته في حين أن ذلك لم يكن فهذا في الأصل غير جائز لأنه من الكذب، والكذب محرم في جميع الأزمان والأحوال إلا في حالات معينة نصت عليها الأحاديث النبوية، وقاس عليها العلماء نظائرها كما بيناه في الفتوى رقم: 52199.
ولك أن تستعملي من المعاريض والتورية ما يؤدي هذا الغرض، فإن في المعاريض مندوحة عن الكذب، فإن لم تسعفك المعاريض في ذلك وتعين الكذب طريقا لتحصيل مصلحة الزواج فنرجو ألا يكون عليك من ذلك حرج إن شاء الله، وإنما قلنا ذلك أخذا مما نص عليه الأئمة من أن الكذب إذا تعين سبيلا لتحصيل مباح فإنه حينئذ يباح.
قال الإمام النووي: اعلم أن الكذب وإن كان أصله محرما فيجوز في بعض الأحوال بشروط قد أوضحتها في كتاب الأذكار، ومختصر ذلك أن الكلام وسيلة إلى المقاصد، فكل مقصود محمود يمكن تحصيله بغير الكذب يحرم الكذب فيه، وإن لم يمكن تحصيله إلا بالكذب جاز الكذب، ثم إن كان تحصيل ذلك المقصود مباحا كان الكذب مباحا، وإن كان واجبا كان الكذب واجبا ....إلى آخر كلامه.
والله أعلم.