السؤال
أريد معرفة حكم الدين فى رجل وزوجته تم النكاح بينهما، وكانت الزوجة تعلم بوجود نقاط بسيطة في آخر الدورة الشهرية؟.
أريد معرفة حكم الدين فى رجل وزوجته تم النكاح بينهما، وكانت الزوجة تعلم بوجود نقاط بسيطة في آخر الدورة الشهرية؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فقد بينا من قبل حكم نقاط الدم النازلة بعد انتهاء الدورة ومتى تكون حيضا ومتى لا تكون، وراجع في ذلك فتوانا رقم: 129486. فإذا كانت النقاط المذكورة حيضا ـ حسبما بيناه من التفصيل ـ وكانت هذه المرأة قد مكنت زوجها من وطئها مع علمها بوجود الحيض، فقد أثمت بذلك إثما عظيما، وعليها أن تتوب إلى الله تعالى توبة نصوحا مما أقدمت عليه، ولا يلزمها غير التوبة عند الجمهور، وأما عند الحنابلة في الرواية المعتمدة في المذهب: فيلزمها مع ذلك كفارة ـ وهي دينار أو نصفه على التخيير ـ والدينار يساوي أربعة جرامات وربعا من الذهب الخالص تقريبا وقول الحنابلة أحوط وأبرأ للذمة، وإن كان الحديث الوارد في ذلك مختلفا في صحته بين العلماء، قال الشيخ العثيمين مرجحا وجوب الكفارة على المرأة إذا مكنت الرجل من وطئها وهي حائض: وقيل: عليها كفارة كالرجل إن طاوعته، وعللوا: بأن الجناية واحدة، فكما أن عليه أن لا يقربها، فعليها أن لا تمكنه، فإذا مكنته فهي راضية بهذا الفعل المحرم فلزمتها الكفارة. وأيضا: تجب عليها قياسا على بقية الوطء المحرم، فهي إذا زنت باختيارها، فإنه يقام عليها الحد، وإذا جامعها زوجها في الحج قبل التحلل الأول فسد حجها، وكذا إذا طاوعته في الصيام فسد صومها ولزمتها الكفارة، وسكوت النبي صلى الله عليه وسلم عن المرأة لا يقتضي الاختصاص بالرجل، لأن الخطاب الموجه للرجال يشمل النساء وبالعكس إلا بدليل يقتضي التخصيص. انتهى. وأما الزوج: فتلزمه ـ أيضا ـ الكفارة عند الحنابلة، لأن المعتمد عندهم أن الكفارة في جماع الحائض تلزم المكره والناسي والجاهل، ولكن الراجح أنه لا تلزمه الكفارة إن كان لا يعلم وجود الحيض، لعدم تعمده المعصية وقد قال الله تعالى: ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله فإن لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما. { الأحزاب: 5 }. قال ابن قاسم في الحاشية تعليقا على ما قرره صاحب الروض من وجوب الكفارة على الناسي والمكره والجاهل: ولهم وجهان الناسي ونحوه وعنه لا يأثم ولا كفارة، وفاقا لقوله: عفي عن أمتي الخطأ والنسيان. ولقوله تعالى : وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به. فوضع الحرج في الخطإ ورفع إثمه كما أرشدنا أن نقول: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ـ وقال قد فعلت ـ وقال الشاطبي وغيره: الخطأ والنسيان متفق على عدم المؤاخذة بهما، فكل فعل صدر عن غافل أو ناس أو مخطئ فهو مما عفي عنه، ومن شرط المؤاخذة بالأمر والنهي الذكر والقدرة على الامتثال، وذلك في المخطئ والناسي محال. انتهى. وهذا القول ـ وهو عدم وجوب الكفارة على الجاهل والمكره والناسي ـ هو الذي رجحه الشيخ العثيمين ـ رحمه الله. والله أعلم.