السؤال
هل شخصية جحا حقيقة وهل هو من التابعين؟ وهل يجوز قول النكت عنه وما شابه؟فقد لقيت في أحد المواقع ما نصه: " ذكر أن أحد الأفاضل قال لي: إنه يتوقع أن جحا من أهل الجنة، فقلت له: ولم؟ قال: لم يبق أحد من الناس إلا وقد اغتابه وأعطاه شيئا من حسناته !! تأملت في عبارته كثيرا ودفعتني للبحث عن هذه الشخصية التي لطالما أثارت الجدل والأقاويل، ثم لما تبين لي أمره رأيت انطلاقا من قوله صلى الله عليه وسلم: " من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة " رواه أحمد والترمذي ، وحفاظا على مكانة من عرف بالإسلام والصلاح، وإدراك القرون المفضلة أن أعرف الناس به ، ليحفظوا عرضه ويكفوا عن ذكره بما لا يليق بمكانته. أقول : إن ( جحا ) ليس أسطورة ، بل هو حقيقة، واسمه ( دجين بن ثابت الفزاري رحمه الله )، أدرك ورأى أنس بن مالك رضي الله عنه ، وروى عن أسلم مولى عمر بن الخطاب، وهشام بن عروة، وعبد الله بن المبارك، وآخرين. قال الشيرازي: جحا لقب له ، وكان ظريفا، والذي يقال فيه مكذوب عليه. قال الحافظ ابن عساكر: عاش أكثر من مائة سنه. وهذا كله تجده مسطورا في كتاب "عيون التواريخ" لابن شاكر الكتبي ( ص 373 وما بعدها). وفي ميزان الاعتدال للذهبي (المجلد الأول، ص 326) ما نصه: جحا هو تابعي، وكانت أمه خادمة لأنس بن مالك، وكان الغالب عليه السماحة، وصفاء السريرة، فلا ينبغي لأحد أن يسخر به إذا سمع ما يضاف إليه من الحكايات المضحكة،. وقال الجلال السيوطي: وغالب ما يذكر عنه من الحكايات لا أصل له. ونقل الذهبي أيضا في ترجمته له: قال عباد بن صهيب : حدثنا أبو الغصن جحا – وما رأيت أعقل منه - . وقال عنه أيضا : لعله كان يمزح أيام الشبيبة ، فلما شاخ ، أقبل على شأنه ، وأخذ عنه المحدثون . وقال الحافظ ابن الجوزي - رحمه الله - :" ... و منهم ( جحا ) و يكنى أبا الغصن، و قد روي عنه ما يدل على فطنة و ذكاء، إلا أن الغالب عليه التغفيل، و قد قيل: إن بعض من كان يعاديه وضع له حكايات .. و الله أعلم ..وأيا كان الأمر : فإن كان جحا صالحا وأدرك بعض الصحابة ويخرج بهذه الصورة فهذا منكر وجرم كبير ..وإن كان من عامة المسلمين فلماذا الكلام فيه، والكذب عليه، وتصويره بصورة خيالية ؟ كيف وهو متوفى ؟وقد جاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم: اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم. رواه الترمذي .وهذه دعوة للجميع بالحرص والدقة والتأمل فيما يسمع أويقال، وفي الحديث: " كفى بالمرء كذبا (وفي رواية إثما) أن يحدث بكل ماسمع".