السؤال
قرأت الفتوى رقم: 137983 بعنوان: عقد عليها بعد عمرة غير صحيحة فما الحكم. وقد فهمت على قدر تفكيري أن الأخت طوافها لم يقع صحيحا - المهم أني فهمت أنها أنهت العمرة بهذا الطواف الفاسد وتحللت. وعلى ذلك فسدت العمرة وتعتبر أنها خرجت من الإحرام. أليس ذلك هو مفهوم هذا السؤال. إذن لماذا هي محرمة بعد انتهاء العمرة الفاسدة؟ لا تؤاخذني لأني أريد أن أفهم.هل إذا ذهبت إلى العمرة وقمت بالطواف بدون وضوء وأنهيت العمرة ورجعت إلى بلدي أكون لا أزال على الإحرام. أرجو الإفادة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالأمر واضح كل الوضوح وليس فيه أي لبس أو غموض، وذلك أن من أحرم بنسك حج أو عمرة وجب عليه إتمامه ولم يجز له التحلل منه قبل أن يتمه؛ لقوله تعالى:
وأتموا الحج والعمرة لله. {البقرة:196}.
وهذا مجمع عليه، قال ابن كثير: اتفق العلماء على أن الشروع في الحج والعمرة ملزم سواء قيل بوجوب العمرة أو باستحبابها كما هما قولان للعلماء. انتهى.
فمن تحلل من نسكه قبل إتمامه على وجهه الشرعي لم يعتد بتحلله ذاك وكان محكوما ببقائه على إحرامه وهو في إحرام صحيح، وليس في تحلله ذاك إفساد لنسكه إلا إذا حدث جماع عند بعض أهل العلم، وله جميع أحكام الإحرام حتى يتم نسكه على الوجه المشروع ثم يتحلل منه.
قال الشيخ العثيمين رحمه الله: فإن قال قائل: ماذا تقولون في رجل دخل في العمرة في أيام رمضان -مثلا- ثم وجد الزحام شديدا، ثم تحلل ورجع إلى أهله متحللا؟ نقول له: إن هذا التحلل لا تنحل به العمرة، وإن عليه -ولو كان قد سافر إلى بلده- عليه أن يخلع ثيابه -ثياب الحل- ويلبس ثياب الإحرام، ويذهب ويكمل عمرته على الإحرام الأول، لا بإحرام جديد؛ وذلك لأنه لم يتحلل من عمرته، وكونه نوى التحلل لا يؤثر؛ لأن الحج والعمرة لا ينقطعان بقطعهما، ودليل ذلك ما أشرنا إليه من قوله تعالى: وأتموا الحج والعمرة لله. انتهى.
وبه يزول الإشكال، فإن طواف هذه المرأة لم يقع صحيحا، ومن ثم فإنها لم تحل من نسكها إلا حين طافت الطواف الصحيح، ولا يمكن لأحد أحرم بنسك أن ينهيه قبل إتمامه على وجهه إلا المحصر وله أحكام معلومة ليس هذا موضع بسطها.
وفي خصوص سؤالك عما إذا كان الحال بالنسبة لك أنت إذا طفت بدون وضوء ستظل محرما إذا رجعت إلى بلدك؟ فجوابه أن ذلك هو ما عليه جمهور أهل العلم وقد أفتينا به السائلة لأنه هو الراجح عندنا، ولأنها فعلت ما فعلته وهي معتقدة تحريمه كما يفهم من سؤالها. وفي المسألة مذاهب أخرى يفهم من سؤالها في الفتوى رقم: 130261.
ولا مانع لمن ترجحت عنده تلك المذاهب أو اضطر إلى العمل بها أن يعمل بها.
والله أعلم.