السؤال
طلقت زوجتي أكثر من ثلاث مرات:
1- الطلاق الأول كان في مناقشه ساخنة، طلبت مني زوجتي الطلاق مع علم أنها كانت تطلبه من قبل لكن أظنه كان من باب أن أقوم بما تريد فقلت لها طالق، ثم اعتذرت لها عن فعلتي وأعلمتها بأنها استفزتني فقلتها ولم تذهب الى بيت أهلها بل جلست معي بالبيت.
2- الطلاق الثاني كان في حالة غضب شديد فقد كانت تستفزني إلى حد الجنون، وقلت لها طالق لكنها لم تخرج وظلت معي وكانت حائضا.
3- الطلاق الثالث كانت مشاجرة بيني وبينها في مسألة أهلي وكانت تقذف بكلام على أهلي مما جعلني أطلقها ولم تخرج من البيت وكانت حائضا
4-الطلاق الرابع أيضا مشاجرة قوية بيني وبينها أكثر من يوم مما جعل صبري ينفد، فماكان مني إلا أن طلقتها بعد ما أسمعتني كلاما فيه مسبة لي ولأهلي: زوجتي كانت تدعوني إليها لكني لا أستجيب لها ليس عن عمد لكن عن قلة الهمة عندي.
5-الطلاق الخامس أيضا مشاجرة غير هذا تكرارها طلقني لقد كرهتك ولا أريد العيش معك ( أيضا كانت تدعوني إليها.
ملاحظه : زوجتي قد ابتليت بمرض الوسواس القهري مما يجعلها تفعل أشياء تغضبني وتستفزني وهي لا تستطيع أن تدعها، ودائما تكون شرارة المشاجرة هي التكلم في أهلي لأن زوجتي لديها مشاكل كبيرة مع أهلي. الرجا الرد علي بسرعة وبسرية راجيا من الله أن ييسر علي هذا المصاب.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فننصحك بترك هذه المرأة التي أقررت بطلاقها خمس مرات، وأما حصول ذلك زمن الحيض مرتين فلا يمنع وقوع الطلاق؛ لأن أكثر أهل العلم على أن الطلاق
في الحيض واقع مع إثم فاعله، وبه يقول الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبوعة، وذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وبعض المعاصرين إلى حرمة ذلك، وعدم وقوع الطلاق.
ودليل الجمهور ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: مره فليراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلق قبل أن يمس، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء. وفي رواية للبخاري: وحسبت طلقة.
ولا تكون الرجعة إلا بعد طلاق سابق.
قال الشيخ الألباني رحمه الله في الإرواء : وجملة القول: إن الحديث مع صحته وكثرة طرقه، فقد اضطرب الرواة عنه في طلقته الأولى في الحيض هل اعتد بها أم لا؟ فانقسموا إلى قسمين: الأول: من روى عنه الاعتداد بها، والقسم الآخر: الذين رووا عنه عدم الاعتداد بها. والأول أرجح لوجهين: الأول: كثرة الطرق. الثاني: قوة دلالة القسم الأول على المراد دلالة صريحة لا تقبل التأويل، بخلاف القسم الآخر، فهو محتمل التأويل بمثل قول الشافعي: (ولم يرها شيئا) أي صوابا، وليس نصا في أنه لم يرها طلاقا، بخلاف القسم الأول، فهو نص في أنه رآها طلاقا، فوجب تقديمه على القسم الآخر. اهـ
وأما الغضب أو استفزاز المرأة لزوجها فلا يمنع وقوع الطلاق؛ لأن الطلاق غالبا لا يحدث إلا جراء غضب من الزوج، وهناك حالة نص أهل العلم على أن الغضبان لا يقع طلاقه فيها، ولا يمضي شيء من تصرفاته، وهي ما إذا أوصله الغضب إلى وضع يجعله لا يعي شيئا ولا يتحكم في تصرفاته، فلا يقع الطلاق في هذه الحالة قياسا على المكره والمجنون، ولما أخرجه أحمد وابن ماجه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا طلاق ولا عتاق في إغلاق.
والإغلاق فسره الجمهور بالإكراه، وروي عن أحمد وأبي داود تفسيره بالغضب، ونصره ابن القيم ونقل القول به عن جمع من السلف، وجعل الغضب الذي لا يزيل العقل ولكنه يمنع صاحبه من التروي يمنع وقوع الطلاق ونقل ذلك عن ابن تيمية فقال رحمه الله : وقسم شيخ الإسلام ابن تيمية قدس الله روحه الغضب إلى ثلاثة أقسام قسم يزيل العقل كالسكر فهذا لا يقع معه طلاق بلا ريب، وقسم يكون في مبادئه بحيث لا يمنعه من تصور ما يقول وقصده فهذا يقع معه الطلاق، وقسم يشتد بصاحبه ولا يبلغ به زوال عقله بل يمنعه من التثبت والتروي ويخرجه عن حال اعتداله فهذا محل اجتهاد ...اهـ
وهذا القسم الثالث يقع طلاقه عند الجمهور، ورجح ابن القيم عدم وقوعه، فعليك أن تحتاط بترك هذه المرأة، والنساء سواها كثير، ومن ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه.
والله أعلم.