السؤال
أولا: حديث: ماء زمزم لما شرب له. هل وأنا أشرب ماء زمزم أدعو بدعوة واحدة أو أكثر، وهل إذا أكثر مثل المغفرة والتقى والرزق والهدى والذرية الصالحة يستجاب الدعاء أم يستجاب واحد فقط، وهل هذا ينطبق على أول شربة ماء زمزم؟ أم كلما ذهبت للعمرة وأشرب ماء زمزم.
وقرأت حديثا أنه عند رؤية الكعبة دعوة ما ترد، فهل هذا لأول مرة لرؤية الكعبة؟ أم عند كل زيارة؟ أو عند رؤية الكعبة عموما؟
ثانيا: أرجو إفادتي بالدعاء المذكور فيه اسم الله الأعظم.ثالثا: ما هي أوقات استجابة الدعاء.رابعا: هل يوجد أدعية لزيادة الرزق. فأنا قرأت أنه من قال لا إله إلا الله الملك الحق المبين فإنه يطرق باب الغنى.خامسا: هل يوجد أدعية لتيسير الزواج.سادسا: هل بعد قراءة القرآن الدعوة مستجابة أم بعد الختمة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن زمزم يشرع للمسلم أن يطلب عند شربه إياه ما شاء من خيري الدنيا والآخرة نظرا لعموم ما في الحديث، قال ابن العربي في أحكام القرآن: النبي صلى الله عليه وسلم قال: ماء زمزم لما شرب له.. وأخبر النبي بأن هذا موجود فيه إلى يومه ذلك، وكذلك يكون إلى يوم القيامة، لمن صحت نيته وسلمت طويته، ولم يكن به مكذبا ولا شربه مجربا، فإن الله مع المتوكلين وهو يفضح المجربين، ولقد كنت بمكة مقيما.. وكنت أشرب ماء زمزم كثيرا وكلما شربته نويت به العلم والإيمان، حتى فتح الله لي بركته في المقدار الذي يسره لي من العلم، ونسيت أن أشربه للعمل، ويا ليتني شربته لهما حتى يفتح الله علي فيهما.. انتهى.
وقال النووي في تهذيب الأسماء: وجاء: ماء زمزم لما شرب له. معناه من شربه لحاجة نالها، وقد جربه العلماء والصالحون لحاجات أخروية ودنيوية فنالوها بحمد الله تعالى وفضله. وقال أيضا في الأذكار: وهذا مما عمل العلماء والأخيار به، فشربوه لمطالب لهم جليلة فنالوها، قال العلماء: فيستحب لمن شربه للمغفرة أو للشفاء من مرض ونحو ذلك أن يقول عند شربه: اللهم إنه بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ماء زمزم لما شرب له. اللهم وإني أشربه لتغفر لي، ولتفعل بي كذا وكذا، فاغفر لي، أو افعل، أو اللهم إني أشربه مستشفيا به فاشفني ونحو ذلك. انتهى.
وقال الشوكاني في نيل الأوطار: قوله: ماء زمزم لما شرب له. فيه دليل على أن ماء زمزم ينفع الشارب لأي أمر شربه لأجله، سواء كان من أمور الدنيا والآخرة، لأن ما في قوله لما شرب له من صيغ العموم..
ولا حرج أن تشربه مرة لحاجة ثم مرة ثانية لحاجة أخرى، فقد روي أنه لما حج الخطيب البغدادي شرب من ماء زمزم ثلاث شربات، وسأل الله ثلاث حاجات آخذا بالحديث: ماء زمزم لما شرب له. فالحاجة الأولى أن يحدث بتاريخ بغداد في بغداد، الثانية أن يملي الحديث بجامع المنصور، الثالثة أن يدفن عند بشر الحافي. فقضى الله له ذلك.
وأما أوقات استجابة الدعاء فمن أهمها الدعاء يوم عرفة، وعند الثلث الأخير من الليل، وعند الإفطار، وعند السجود، وانتهاء الصلاة، وآخر ساعة من الجمعة، وبين الأذان والإقامة، ووقت نزول المطر.
وأما أدعية زيادة الرزق فمن أهمها الاستغفار والدعاء بـ: اللهم ارزقني، كما في قوله تعالى: وأن استغفروا ربكم ثم توبوا إليه يمتعكم متاعا حسنا إلى أجل مسمى.. {هود:3}، وفي قوله إخبارا عن نوح عليه السلام أنه قال: فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا {نوح:10-11-12}، وفي الدعاء الذي علمه النبي صلى الله عليه وسلم لمن سأله كيف أقول حين أسأل ربي، قال: قل: اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وارزقني، فإن هؤلاء تجمع لك دنياك وآخرتك.
وأما الدعاء بعد تلاوة القرآن فترجى استجابته سواء كان بعد الختم أو قراءة ما تيسر لما في الحديث: من قرأ القرآن فليسأل الله به. رواه الترمذي وصححه الألباني. قال المباركفوري في تحفة الأحوذي: فليسأل الله به أي فليطلب من الله تعالى بالقرآن ما شاء من أمور الدنيا والآخرة، أو المراد أنه إذا مر بآية رحمة فليسألها من الله تعالى، أو بآية عقوبة فيتعوذ إليه بها منها، وإما أن يدعو الله عقيب القراءة بالأدعية المأثورة.. انتهى.
وقال أبو إسحاق الشيرازي في المهذب: ويستحب لمن مرت به آية رحمة أن يسأل الله تعالى، وإن مرت به آية عذاب أن يستعيذ منه، لما روى حذيفة رضي الله عنه قال: صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ البقرة فما مر بآية رحمة إلا سأل، ولا بآية عذاب إلا استعاذ. ويستحب للمأموم أن يتابع الإمام في سؤال الرحمة والاستعاذة من العذاب، لأنه دعاء فساوى المأموم الإمام فيه كالتأمين.
وأما الدعاء عند رؤية الكعبة المشرفة والأدعية المشتملة على اسم الله الأعظم ودعاء تيسير الزواج والدعاء بـ (لا إله إلا الله الملك الحق المبين..) فراجع فيه الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 55158، 107638، 80304، 33410، 32981.
والله أعلم.