السؤال
عندي وسواس قهري في الطلاق وقد عانيت منه الكثير منذ: 10 سنوات وسألت العلماء مرارا وتكرارا فأجابوني بعدم وقوع الطلاق، ولكن الواسواس مستمر والمواقف متجددة ولم أرتح منه إلا عندما أخذت برأي فقهي معتمد وأبعدت الأفكار من رأسي ولم أعد أخاف منها واختفت بنسبة كبيرة ـ وهو الأخذ بعدم وقوع الطلاق دون إشهاد ـ فهل علي شيء عند ما عملت بهذا القول؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذا الوسواس الذي ذكرت أنك مصاب به لا يخلو أمره من أن يكون شكا في حصول الطلاق أو وسوسة تؤدي إلى النطق بشيء يظن أنه يترتب عليه طلاق، فإن كان الأول فإن الشك في الطلاق لا يلزم منه طلاق ـ ولو في حق غير الموسوس ـ وراجع الفتوى رقم: 109878، وإن كان الثاني، فصاحب الوسواس القهري لا يقع منه طلاق إن كان وسواسه شديدا بحيث ينطق بالطلاق من غير إرادة حقيقية منه، بل بسبب غلبة المرض، لأنه حينئذ في حكم المكره، ففي فتاوى الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى: المبتلى بالوسواس لا يقع طلاقه حتى لو تلفظ به بلسانه إذا لم يكن عن قصد، لأن هذا اللفظ باللسان يقع من الموسوس من غير قصد ولا إرادة، بل هو مغلق عليه ومكره عليه لقوة الدافع وقلة المانع، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: لا طلاق في إغلاق ـ فلا يقع منه طلاق إذا لم يرده إرادة حقيقية بطمأنينة، فهذا الشيء الذي يكون مرغما عليه بغير قصد ولا اختيار فإنه لا يقع به. انتهى.
ولا حرج عليك في العمل بفتوى من أفتاك بعدم وقوع الطلاق إن كان أهلا للفتوى، لأن العامي عليه تقليد الثقات من أهل العلم، قال تعالى : فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. { الأنبياء: 7 }.
وراجع المزيد في الفتوى رقم 139403.
واعلم أن أنفع وسيلة لدفع لوسواس هي دعاء الله تعالى والتضرع إليه والإكثار من ذكره سبحانه ثم الإعراض عن الوسواس وعدم الالتفات إليه، لأن تتبعه سبب لرسوخه وتمكنه، وراجع المزيد في الفتوى رقم: 3086.
وأخيرا ننبه إلى أن الطلاق يقع من الزوج ـ إن كان ممن يقع منه ـ بمجرد التلفظ به، ولا يشترط الإشهاد عليه وراجع في ذلك الفتوى رقم: 10423.
وإذا كان مما لا يقع ـ كما هو الحال في المشكوك فيه والواقع تحت تأثير الوسوسة ـ فإنه لا يقع ولو حصل به إشهاد.
والله أعلم.