ما يلزم من كان في ذمته شيء يشك أنه لأحد شخصين

0 159

السؤال

علمت أن توبة العبد لا تقبل إلا برد حقوق العباد, وبحمد لله وبتوفيقه بدأت ـ فعلا ـ برد الحقوق التي علي للناس, لكن عندي بعض الأسئلة ـ جزاكم الله خيرا ـ وأرجو أن لا تعتبرها تافهة, لأنها تأخذ من تفكيري وأخاف أن يكون الوسواس وراء مخاوفي:
أولهما: بعت لصاحب محل هواتف محمولة ـ موبايلات ـ جهاز هاتف محمول ـ موبايل ـ قبل سنتين به عيوب ولم أخبره بها, وقد اكتشف بعضها فاتصل بي وتشاجرنا على الهاتف وأغلقت عنه الخط ولم أرد على مكالماته والآن وبعد سنتين اتصلت به وأخبرته بكل شيء, وأنني جاهز لأي تعويض, إلا أنه سامحني وبرأ ذمتي ولا يريد شيئا, فهل تكفي هذه المكالمة؟ أم يجب أن أذهب إليه وأقابله مباشرة حتى تعتبر تبرئة الذمة صحيحة؟ وهل يجب أن أقابله حتى أتأكد أنه أبرأ ذمتي ولم يعد النظر والتفكير في الموضوع؟ أي أنه لم يرجع في كلامه ـ مع العلم أنني ذهبت إليه في مكان عمله مرتين ولم أجده؟الثاني: قبل 6 أشهر اشتريت هاتفا محمولا ـ موبايل ـ وعندما خرجت من المحل لم أجد الوصلة التي توصله بالكمبيوتر, فرجعت إلى صاحب المحل فأعطاني واحدة, إلا أنني عندما رجعت إلى البيت وجدت الوصلة موجودة في العلبة, أي أنه أصبح عندي وصلة إضافية, ولم أرجعها، والآن أريد أن أرجع هذه الوصلة الإضافية إلى صاحب المحل, إلا أن الموضوع قد مر عليه 6 أشهر تقريبا, والتبس علي الأمر بين محلين أيهما اشتريت الجهاز منه, فهل يجب علي أن أعطي وصلة لكل محل؟ وذلك بأن أشتري واحدة إضافية وأعطي واحدة لكل محل حتى تبرأ ذمتي ـ وأخيرا الرجاء نصيحتي بخصوص التعامل مع هذه الأفكار، وإذا ما كانت وسواسا, فإنني أحس أنها تصعب علي طريق التوبة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فنسأل الله أن يتقبل توبتك ويثبتك على طريق الحق ويشرح صدرك، واعلم أن التوبة إذا استكملت شروطها فهي مقبولة ـ بإذن الله ـ وكما ذكرت فإن من شروط التوبة مما يتعلق بحق آدمي أن ترد الحقوق لأصحابها، وانظر شروط التوبة في الفتوى رقم : 13348.

فإذا كان الرجل الذي اشترى منك الهاتف المعيب قد سامحك وأحلك من مظلمته عندما كلمته بالهاتف، فلا شيء عليك ـ إن شاء الله ـ ولا يلزمك أن تذهب إليه لتستحله مرة أخرى.

أما بخصوص الوصلة التي اشتبه عليك صاحب المحل الذي أخذتها منه: فيمكنك إخبار صاحبي المحلين بذلك، فإن أحلاك منها، فلا شيء عليك، وإلا فإن تبين صاحبها فلتدفعها إليه، وإن لم يتبين صاحبها، فلا يلزمك أن تدفع وصلة لكل واحد منهما، وإنما يكفيك أن تطلب منهما أن يحلف صاحب الحق فيأخذه، قال ابن تيمية: فإذا كان عليه حق لا يعلم عين صاحبه كان عليه أن يفعل ما تبرأ به ذمته، فإن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب كمن نسي صلاة من يوم لا يعلم عينها، وكمن عليه دين لأحد رجلين لا يعلم عين المستحق، فإذا قال: من حلف منكما فهو له ونحو ذلك، فقد أدى الواجب.

فإن اختلفا بينهما فيمن يستحقها، فالطريق لتعيينه هو القرعة، فمن خرجت له القرعة حلف وأخذها، قال البهوتي: وإن قال من بيده العين هي لأحدهما وأجهله، فإن صدقاه على أنه يجهله لم يحلف  لتصديقهما له، وإلا بأن كذباه حلف يمينا واحدة أنه لا يعلمه ويقرع بينهما ـ أي بين المدعيين للعين ـ فمن قرع حلف وأخذها، لأن صاحب اليد أقر بها لأحدهما لا بعينه فصار ذلك المقر له هو صاحب اليد دون الآخر، فبالقرعة يتعين المقر له فيحلف على دعواه ويقضي له.

وأما نصيحتنا لك بخصوص هذه الأفكار: فما كان منها في حدود الشرع ـ كحرصك على رد الحقوق لأصحابها ـ فهو مطلوب من غير مبالغة، وأما ما كان فيه مبالغة وتشديد بغير مسوغ فهو من الوساوس التي ينبغي الإعراض عنها، وراجع في علاج الوسوسة الفتوى رقم: 51601.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات