السؤال
وصلني أن ما يلقيه مشايخنا الكرام من الدروس قبل خطبة الجمعة قبل الأذان منهي عنه. فهل لي أن أنصح لهم أم لا؟
ورأيت بعيني ولا حول ولا قوة إلا بالله خطيب جامعنا يدخن ويسبل سرواله ويرفع من عباءته، والأصل أن يرفع سرواله وعباءته معا فوق الكعبين.
وهل لي أن أسمع الجمعة منه لأن من أهم شروط الداعي أن لا يأمر بمعروف ويأتي بغيره.
وبالنسبة للإسبال فقد قصرت ما عندي من بنطال أصلي به في بيتي، فقد وصلني أنه لا قبول مع الإسبال، ولكن سأكون سخرية بين الناس إن خرجت بها، فكيف يكون التوفيق بين الأذى والالتزام؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فأما الدرس قبل الخطبة فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن التحلق يوم الجمعة، والنهي للكراهة في قول جمهور أهل العلم.
فإذا كان الدرس الذي يلقيه أولئك المشايخ قبل الجمعة درسا عاما فإن هذا منهي عنه وبدعة كما بيناه في الفتوى رقم:
116585 ولك أخي السائل أن تنصح أولئك المشايخ برفق ولين وتبين لهم وجه الكراهة في ذلك على ما ذكرناه في الفتوى المشار إليها والفتوى المحال عليها فيها.
وفي خصوص التدخين فإنه محرم، ويزداد قبحا إذا كان المدخن إماما يصلي بالناس ويخطبهم، فإن الرائحة الكريهة للتدخين يتأذى منها المصلون، والملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم من أكل ثوما أو بصلا أن يصلي في المسجد حتى لا يؤذي جماعة المسجد، فكيف يؤمهم صاحب تلك الرائحة، وكيف بالتدخين الذي هو أنتن ريحا من البصل والثوم.
ثم إن إصراره على التدخين وهو يعتقد تحريمه يخرجه عن العدالة التي ينبغي أن يكون الإمام متصفا بها، ويكون بإصراره على التدخين من جملة الفساق. والفاسق تكره الصلاة خلفه.
قال شيخ الإسلام: الأئمة متفقون على كراهة الصلاة خلف الفاسق لكن اختلفوا في صحتها ... اهـ.
والقول الراجح أن الصلاة صحيحة خلفه، ففسقه لا يبطل خطبته ولا صلاته. وانظر الفتوى رقم: 42670.
ويتعين عليكم نصحه وتذكيره بالله تعالى برفق ولين، فإن استجاب وإلا فارفعوا أمره إلى وزارة الأوقاف أو الجهة المسؤولة لتستبدله بإمام كفء.
وأما إسبال الخطيب لثيابه، فإن كان إسباله لغير خيلاء، فالجمهور على أن الإسبال يحرم إذا كان للخيلاء ولا يحرم لغير الخيلاء. وقد يكون الرجل آخذا بقول الجمهور مقلدا أو معتقدا صحته فلا ينكر عليه حينئذ، وإن كان القول المرجح عندنا هو أن الإسبال يحرم مطلقا سواء كان للخيلاء أو لغير الخيلاء كما فصلناه في الفتوى رقم: 120262.
ولذا فإننا ننصح الأخ السائل بعدم إسبال ثيابه تحت الكعبين، ولا يلتفت إلى سخرية الناس، فإنهم سخروا من الأنبياء والمرسلين فصبروا وكانت لهم العاقبة، فإذا كانت أذيتهم لك وسخريتهم لا تصل إلى حد إلحاق الضرر بك فلا تسبل ثيابك واصبر على سخريتهم، وابذل جهدك في نصحهم وتعليم جاهلهم وبيان أن هذه سنة النبي صلى الله عليه وسلم.
وانظر الفتوى رقم: 49753عن حكم الإسبال خوفا من الأذية وحكم صلاة المسبل، وكذا الفتوى رقم: 53976عن مدى أثر إسبال الثياب على صحة الصلاة.
والله أعلم.