السؤال
أنا بنت عازبة، وقد ابتليت بالوسواس في شهر رمضان، علما أني ولله الحمد أتقي الله وملتزمة بتعاليم ديني, وساوسي تتمثل في أنني أخشى نزول المني وأنا صائمة ،علما أني لا أعرف حتى شكله ولا يمكنني تفريقه عن الإفرازات الطبيعية. وأنا صائمة كنت متوترة جدا نفسيا، وتمكن مني الوسواس بشدة وانتابني شعور غريب لا أدري إن كان شهوة أم لا؟ وجاهدت نفسي بالاستغفار لكي أهدئها, وصليت العصر والمغرب بوضوء واحد, وعند صلاة العشاء جددت الوضوء فتفاجأت بوجود إفرازات بيضاء فأصبت بإحباط شديد وظننته منيا .
أنا الآن لا أعلم إن كان فعلا منيا أم غيره بالرغم من أني اطلعت على مواصفات جميع الإفرازات,وأشك أساسا هل هو مني فعلا لأنه يعرف أن المني يخرج بجماع او بطرق محرمة، وأخشى في نفس الوقت أن يكون منيا وأنا لست متأكدة هل نزل وأنا صائمة أم بعد الإفطار لأني اكتشفت الأمر عند صلاة العشاء.
هل أعيد صيام ذلك اليوم فقط؟ أم يلزمني صيام مع الكفارة؛ لأننا نتبع في بلدنا المذهب المالكي، وهو يوجب الكفارة في مثل هذا الأمر.أرجو أن تدولوني ماذا يترتب علي لأني في ضيق شديد وأتحسر كيف تمكنت مني الوساوس بهذا الشكل.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه الوساوس التي تمكنت منك لا علاج لها إلا بالإعراض عنها وعدم الالتفات إليها، وألا تعيريها اهتماما فإن فتح باب الوساوس يجلب على المرء شرا عظيما.
وأما صومك هذا اليوم فإنه صحيح عند المالكية، وعند غيرهم لا يلزمك تجاهه لا القضاء ولا الكفارة، فإن هذه الإفرازات هي ما يعرف برطوبات الفرج على ما يظهر، وتلك لا تفسد الصوم وإنما تنقض الوضوء.
وأما مني المرأة فإنه رقيق أصفر يخرج بشهوة أي يجد الإنسان لذة عند خروجه ويعقبه فتور ورائحته تشبه رائحة مني الرجل أي كرائحة العجين أو طلع النخل، ولم يظهر لنا من السؤال أنك رأيت شيئا من علامات المني، وقد بينا صفة مني المرأة والفرق بينه وبين غيره من الإفرازات في فتاوى كثيرة وانظري الفتوى رقم: 129245ورقم: 128436.
وإذا شككت في الخارج هل هو مني أو غيره فإنك تتخيرين بينهما وتجعلين له حكم أحدهما؛ كما هو مذهب الشافعي، وهو الأرفق بك لكونك مبتلاة بالوسوسة. وانظري الفتوى رقم: 64005.
ثم إن رطوبات الفرج ناقضة للوضوء كما ذكرنا، ولكن لا يلزمك قضاء شيء من الصلوات التي صليتها قبل رؤية تلك الإفرازات لأن الأصل أنها خرجت لاحقا، فإن الشيء إذا احتمل وقوعه في زمنين إضيف إلى آخرهما على ما بيناه في الفتوى رقم: 137404.
واعلمي أن ما ذكرناه لك من علاج الوسوسة وأنه الإعراض عنها هو الذي ينص عليه الفقهاء من مختلف الطوائف.
قال في الفواكه الدواني وهو مالكي: (ومن استنكحه ) أي كثر ( الشك في السهو ) في الصلاة ( فليله عنه ) أي يعرض عنه وجوبا ( ولا إصلاح عليه ) ؛ لأنه من الشيطان وداؤه كالنفس الإعراض عنه ، ومخالفته. انتهى.
وكلام العلماء في هذا يطول جدا، وراجعي الفتوى رقم: 51601، ورقم 134196.
والله أعلم.