السؤال
الرجاء قسم الميراث: مات وترك زوجة.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد: فإذا لم يترك الميت من الورثة إلا زوجته، فإن لها الربع ـ فرضا ـ لعدم وجود فرع وارث, قال الله تعالى:
{النساء: 12}.
والباقي يرد إلى ذوي الأرحام عند الحنفية والحنابلة, أو إلى بيت المال عند الشافعية والمالكية, فإن وجد بيت مال للمسلمين منتظم فذاك, وإن كان الفساد المالي في الدولة هو الغالب، فلا مناص من الأخذ بأحد قولين لأهل العلم, أولهما: أن يرد الباقي على ذوي الأرحام ـ كما ذكرناه عن الحنابلة والحنفية ـ لأنه لا يوجد هنا من الورثة إلا الزوجة، وهي لا يرد عليها, في مذهب الجمهور، جاء في الموسوعة الفقهية: الرحم في الفرائض: هي كل قريب ليس بذي فرض ولا عصبة ـ ويرثون عند عدم وجود عاصب، أو صاحب فرض يرد عليه ويقدمون على بيت المال عند الحنفية والحنابلة، وهو ما أخذ به متأخروا كل من المالكية والشافعية إن لم ينتظم بيت المال. اهـ.
وقال النووي في المنهاج: وأفتى المتأخرون إذا لم ينتظم أمر بيت المال بالرد على أهل الفرض غير الزوجين ما فضل عن فروضهم بالنسبة، فإن لم يكونوا صرف إلى ذوي الأرحام. اهـ .
والقول الثاني: أن يرد الباقي على الزوجة, فقد ذهب بعض العلماء إلى أن الباقي يرد على أحد الزوجين إذا لم يوجد من الورثة غيره، وهذا قول الشيخ السعدي ـ رحمه الله تعالى ـ وقد روي عن عثمان ـ رضي الله عنه ـ أنه رد على زوج، فتأخذ الزوجة التركة كلها ـ فرضا وردا ـ والقول برد الباقي على ذوي الأرحام هوالمقدم عندنا، لأن ذوي الأرحام يقدمون على بيت المال عند الحنابلة والحنفية, وكذا عند متأخري المالكية والشافعية إذا كان غير منتظم، فيقدم هذا القول على من قال بالرد على الزوجة.
ثم إننا ننبه السائل الكريم إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها مفت طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، أو مشافهة أهل العلم بها إذا لم توجد محكمة شرعية، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي ـ إذا ـ قسم التركة دون مراجعة المحاكم الشرعية ـ إذا كانت موجودة ـ تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله أعلم.