السؤال
الرجاء قسم الميراث على الورثة التالي ذكرهم: زوجة، وثلاثة أبناء، وبنت واحدة، وواحد وعشرون شقيقة.
علما بأن الميت كان يقول للناس وليس كتابة أنه سيترك كل شيء لابنته الوحيدة، فأنا الأخت الصغرى وإخوتي يكبرونني بسنوات كثيرة، ولكنني كنت الأخت والصديقة وكنت أقوم عنهم بالأوراق الرسمية ولم نكن نختلف على أي شيء واشترينا شقة باسم والدي وبإعلان الورثة أصبحت ـ الكهرباء والمياه، والغاز ـ باسمي وكذلك الأرض الزراعية باسمي، لأنها كانت من تركه جدي وعليها مشاكل مع عماتي فقمت بتخليص الأوراق وقال لي أخي أن أكتبها باسمي حتى تحل المشكلة، ولأنه لا فرق بيننا، ولكن عند زواجي تغير الحال وفوجئت بأخي يقول لي إنه ليس لأحد حق في تركة أبي، لأنه هو الأخ الأكبر، لكن أحد إخوتي استطاع أن يعيش في شقة أمنا فتركها له أخي الأكبر أمام ميراثه، أما أنا وأخي الآخر فيقول إنه ليس لنا أي حق في ميراث والدي أعطاني ألف جنيه ـ فقط ـ مقسمة على 10 أشهر من إيجار شقة والدي على أنها منحة منه وليست حقي، وأقول لك إن حقي أكثر من ذلك بكثير أي لا يقل عن 60 ألف جنيه، أو أكثر، وإذا طلبت حقي يقول إنني سوف أعطي حقي لزوجي، ولأن الأرض باسمي وحاول من ورائي كثيرا لينقلها باسمه ولكن بلا جدوى والآن أشعر أن الأرض حائل بيني وبين آخي الأكبر الذي يقول إنها ليست من حقي وليس من حقي أصلا أي شيء، لأنني بنت، مع العلم أن أخي هذا غني ومقتدر وأخي الآخر لا حول له ولا قوة ويخاف منه ولا يستطيع مواجهته بطلب حقه فماذا أفعل أنا وأخي؟ وإذا تدخل أحد من أهلي نهره وضايقه حتى إنه لا أحد يتدخل بيننا في شيء بسببه، فمن فضلك قل لي ماذا أفعل حتى أحصل على حقي وحق أخي؟ مع العلم أنني أقدر أن أكتب الشقة الأخرى باسم الأخ الثاني الذى لم يأخذ أي شيء، وللتوضيح أخي الأكبر بنى منزلا على أرض والدي من شقق ومحلات ولم يعط أحدا من إخوتي أي شيء، لأنه بناها بفلوسه ولم يسمح لهم أصلا بالبناء، والأرض تساوي حوالي: 96 ألف جنيه، والشقة حوالي: 120 ألف جنيه، وإجمالي سعر الأرض أكثر من حقي، أما الشقة: فهي من حق أخي الآخر وليس أخي الأكبر، فهل أكتبها باسم هذا الأخ وأتنازل عن جزء من الأرض لأخي الآخر وآخذ حقي وأعطي أخي حقه؟ أو ماذا أفعل؟ فأنا لا أريد أن أخسره، لأنني رغم ما يفعله معي ـ والله ـ أحبه وأتمنى له الخير، لكن هذا حق أخي الآخر وحق أولادي وبيدي كل شيء ولا أريد ظلم أحد.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فنقول ابتداء أن ما ذكرته السائلة من أن المورث كان يقول أنه سيترك كل شيء لبنته، لا يفيد شيئا في موضوع التركة ـ ولو كتبه، أو أشهد عليه ـ لأنه لا يعدو أن يكون وصية لوراث، والوصية للوراث لا تمضي إلا برضا الورثة، فإذا لم يترك الميت من الورثة إلا من ذكر، فإن لزوجته الثمن ـ فرضا ـ لوجود الفرع الوارث, قال الله تعالى: فإن كان لكم ولد فلهن الثمن مما تركتم من بعد وصية توصون بها أو دين.{النساء: 12}.
والباقي للأبناء الثلاثة والبنت ـ تعصيبا ـ للذكر مثل حظ الأنثيين، لقول الله تعالى: يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الأنثيين.{النساء: 11}،ولا شيء للأخوات الشقيقات، لأنهن محجوبات بالابن حجب حرمان, فتقسم التركة كلها ـ الأموال والعقارات والأراضي ـ على ثمانية أسهم, للزوجة ثمنها ـ سهم واحد ـ ولكل ابن سهمان, وللبنت سهم واحد.
وإذا كنت أنت إحدى الأخوات فقد علمت مما ذكرنا أنك لست وارثة كما هو حال جميع إخوانك.
وإذا كانت هذه التفاصيل التي ذكرتها تتعلق بمتروك الجد، أو كنت تقصدين أنك بنت الميت وسميت نفسك أختا باعتبار قرابتك للأبناء، فجوابنا ـ حينئذ ـ أنه لا يجوز لأحد من الورثة أن يمنع أي وارث من أخذ نصيبه الشرعي، وكون أحدهم صغيرا، أو كبيرا, فقيرا، أو غنيا, سجل التركة والماء والكهرباء باسمه، أو لم يسجلها كل هذا لا يغير من الفريضة الشرعية شيئا, فكل وارث له حق في التركة بالقدر الذي بيناه, وكون البنت متزوجة لا يبيح لأخيها أن يحرمها من حقها الشرعي في الميراث بحجة أنها ستعطيه لزوجها, ولو أعطته لزوجها وهي بالغة رشيدة فلها ذلك، وليس له أن يحجر عليها, ومن حرم من حقه الشرعي جاز له أن يرفع أمره إلى القضاء الشرعي لأخذ حقه، وليس هذا أمرا محرما ولا قطيعة رحم، فإن الله تعالى يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن, وما بناه الأخ الأكبر في أرض الورثة بغير إذنهم فحكمه فيه حكم الشريك إذا بنى في الأرض بغير إذن شريكه، وقد بينا أقوال العلماء فيما يلزمه في الفتوى رقم: 117531
والذي ننصح به الأخت السائلة ـ أولا ـ أن تسعى لإقناع أخيها المتعنت بتقوى الله تعالى والرجوع إلى حكم الشريعة في قسمة الميراث، فإن أبى فلترفع الأمر إلى المحكمة الشرعية, فإن تعذر ذلك بكل وجه ولم تتمكن من أخذ حقها وحق بقية الورثة، فلها أن تخصم من نصيبه مما في يدها من الميراث بقدر ما غصبه منهم, ولتنظري الفتوى رقم: 28871عن مذاهب العلماء فيمن ظفر بحقه ممن ظلمه.
والله أعلم.