السؤال
مشايخي الكرام, أحد إخواني في الله محتار جدا هذه الأيام وهو متحرز جدا من عقوق أمه والإساءة إليها, لأنه قد تعامل مع أمه بشدة وغلظة, وهو يفعل ذلك لأنه يعلم أن أمه تأتي في طريق اتصالات مع رجال أجانب لا يمتون لهم بصلة, أو ربما رجل أجنبي واحد, ثم تقول إنها تعتبره أخا لها, فيما إنها لا تسمح لأحد أن يأخذ عنها جوالها المتحرك, ولو حاول أن يأخذه فإنها تسب وتشتم وتسمع الناس أصوات الجدال, وفي الحقيقة فابنها يتصرف أحيانا معها بغضب وعنفوانية من أجل مصلحتها ومن أجل الله سبحانه وتعالى, لأن مثل هذا الفعل مصادم للشريعة في أحكامها التأديبية والأخلاقية، فالحاصل أن الأخ يقول: إنه في حيرة من أمره, هل يفعل شيئا مغضبا لها تجاهها أو اتجاه من يتواصل معها, وماذا يفعل بالنسبة للجوال، هل يأخذه غصبا وجبرا, أم يتركه؟ وهل إذا اضطر الأمر له أن يسافر من بلده عل أمه أن ترتدع مما هي عليه, راجيا منكم أن تسرعوا وتمعنوا النظر في هذه القضية, حتى يتم التخطيط الشرعي الأصيل, وأنا أعدكم أن الأخ منقاد جدا ومستجيب للأحكام الشرعية. وقد وضعت هذا السؤال في أيديكم أهل العلم والخبرة والأمانة, وفقكم الله وبارك فيكم, وحفظكم في كل أعمالكم, بما تخدمون به الإسلام والمسلمين.والله المستعان؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان ما ذكر عن هذه المرأة واقعا فعلا وهو أنها تقوم بالاتصال برجل أجنبي عنها على جهة الريبة والفساد، فإنها قد أساءت بذلك وأتت منكرا وفتحت على نفسها بابا للفتنة عظيما، والله تعالى يقول: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر ولولا فضل
الله عليكم ورحمته ما زكى منكم من أحد أبدا ولكن الله يزكي من يشاء والله سميع عليم {النور:21}، فينبغي أن تنصح برفق ولين، ويبين لها خطورة هذا الأمر على دينها ودنياها وأن في هذا التصرف تدنيسا لسمعتها وسمعة أهلها، ويمكن مراجعة الفتوى رقم: 30003.
وقد أحسن هذا الولد من جهة حرصه على صلاح أمه، ولكنه أساء بإغلاظه وشدته عليها، وقصده بذلك إصلاحها لا يبرر غلظته عليها، فالأم تبقى أما لها على ولدها حق البر والإحسان مهما أساءت، فيجب عليه أن يتوب من هذا الفعل، ونوصيه بأن يكثر من التضرع إلى الله تعالى أن يهديها ويصلح حالها، وتراجع في الدعاء وآدابه الفتوى رقم: 23599.
وأما بالنسبة لمن يتواصل معها فإن ثبت لديه فعل ذلك فلينصحه ويذكره بالله تعالى، فإن انتصح فذاك وإلا فيمكنه أن يهدده برفع أمره إلى الجهات المسؤولة، وأما سفره بعيدا عن أمه فإن غلب على ظنه أن يكون رادعا لها فلا بأس بأن يلجأ إليه؛ وإلا فالأولى أن لا يفعل، فقد يكون ابتعاده عنها سببا للزيادة في غيها، ويكون وجوده سببا في تقليل المنكر منها، وهذا على تقدير أن المقصود أن يسافر هو بعيدا عن أمه، وإن كان المقصود أن يسافر بأمه إلى بلد آخر فلا بأس إن رضيت بذلك. وغاية ما يمكنه فعله مع أمه بخصوص هذا الجوال أن ينصحها بعدم استخدامه في مثل هذه المحادثات، وأما أخذه منها غصبا عنها فلا يجوز.. وانظر الفتوى رقم: 109767.
والله أعلم.