السؤال
هل من الممكن أن تتعطر المرأة وهي خارج منزلها بحيث يكون غير ملحوظ، حيث إن الحديث المذكور بخصوص الموضوع: فشموا ريحها فهي ـ والعياذ بالله ـ زانية؟ الرجاء الإفادة، ولماذا تعطر الرجل ليس بحرام رغم أنه يوجد العديد من العطور عندما يتطيب بها الرجل تحرك شهوة بعض النساء وهو ليس بقاصد؟.
أرجو الإفادة.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن كان قصدك بكون هذا العطر غير ملحوظ أنه لا تشم رائحته، فمثل هذا العطر لا حرج على المرأة في استعماله، كما سبق بيان ذلك في الفتوى رقم: 36736.
ولمزيد الفائدة راجع الفتوى رقم: 118844.
وأما التفريق بين الرجال والنساء في هذا الحكم: فمصدره الشرع الحكيم فما علينا إلا الرضا والتسليم علمنا الحكمة أم لم نعلمها، قال الله تعالى: وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا { الأحزاب: 36 }. وقال سبحانه: والله يحكم لا معقب لحكمه وهو سريع الحساب { الرعد: 41}.
ويمكن بعد التسليم أن تلتمس الحكمة في هذا التفريق، فقد يكون ذلك ـ والله أعلم ـ لكون الغالب افتتان الرجل بالمرأة أكثر من افتتانها به، فهذا أمر مشاهد ويحصل كثيرا ولو لم تتطيب المرأة، أو تتزين، فإذا تطيبت، أو تزينت كانت أعظم فتنة، ولذلك جاء التحذير من الافتتان بهن في كثير من النصوص ولم يرد مثل ذلك في حق الرجال، روى البخاري ومسلم عن أسامة بن زيد ـ رضي الله عنهما ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء.
وثبت في صحيح مسلم عن أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فينظر كيف تعملون، فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، فإن أول فتنة بني إسرائيل كانت في النساء.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري تعليقا على الحديث الأول: وفي الحديث أن الفتنة بالنساء أشد من الفتنة بغيرهن ويشهد له قوله تعالى: زين للناس حب الشهوات من النساء ـ فجعلهن من حب الشهوات وبدأ بهن قبل بقية الأنواع إشارة إلى أنهن الأصل في ذلك. انتهى.
وننبه إلى أنه إذا تعطر الرجل بنية استمالة النساء إليه، فإنه يأثم بهذه النية فيشترك مع المرأة في الإثم، لكن تسميته زانيا بهذا السبب لم يرد ونحن نسمي الأشياء بحسب ما سماها الشرع، وراجع في ذلك الفتوى رقم: 140139.
والله أعلم.