السؤال
قبل سنتين تقريبا عرض علي عمل براتب مغر، ثم ذهبت لأسأل العلماء عن حكم هذا العمل، فبعضهم أجازه لي وبعضهم حرمه، مما جعلني أحكم على العمل بأنه شبهة لا أستطيع أن أميز هل هو حرام أم حلال؟ لكن لحاجتي للمال قبلت هذا العمل لكن ضميري كان يؤنبني، لأن طبعي يرفض المال الحرام، والآن أريد الخروج من هذا العمل، وأكون مشروعا مستقلا حلالا، لكن رأس ماله كله من راتبي من هذا العمل، فما حكمه هنا؟ علما بأنني حاجتي للمال لا ترقى للضرورة، لكن للاستقلالية ولكي لا أكون عالة على والدي.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما اختلف فيه أهل العلم بسبب اختلاف الأفهام وتعارض الأدلة ونحو ذلك من مسوغات الخلاف، لا يمكن القطع فيه بحل ولا بحرمة، فهو من جملة الشبهات والوقوع في الشبهات مكروه، ولا يصل إلى درجة الحرمة الصريحة.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري: واختلف في حكم الشبهات، فقيل: التحريم، وهو مردود. وقيل: الكراهة. وقيل: الوقف، وهو كالخلاف فيما قبل الشرع. وحاصل ما فسر به العلماء الشبهات أربعة أشياء:
أحدها: تعارض الأدلة كما تقدم.
ثانيها: اختلاف العلماء، وهي منتزعة من الأولى.
ثالثها: أن المراد بها مسمى المكروه، لأنه يجتذبه جانبا الفعل والترك. اهـ.
ولمزيد الفائدة عن هذا يمكن الاطلاع على الفتوى رقم: 146199.
ثم إن كان السائل قد عمل بفتوى من أفتاه بالجواز لا تشهيا ولا تتبعا للرخص، وإنما لظنه إصابة هذه الفتوى وموافقتها لمراد الشرع، فهو معذور ـ على أية حال ـ أصاب المفتي، أو أخطأ، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه. رواه أبو داود وابن ماجه وأحمد، وحسنه الألباني.
وراجع تفصيل ذلك في الفتويين رقم:
131757، ورقم:
138799.
وعلى ذلك، فلا بأس على السائل ـ إن شاء الله ـ أن يستغل هذا المال في إنشاء مشروع مستقل، ويمكنه بعد ذلك إن ربح هذا المشروع حتى يطمئن وتزول عن الشكوك أن يخرج قدر هذا المال احتياطا وورعا.
والله أعلم.