نذر مالا للفقراء والمحتاجين إن نجح فما حكمه

0 254

السؤال

أنا طالب في الجامعة، ولقد نذرت لربي أن أتبرع بمبلغ من المال للفقراء والمحتاجين إذا نجحت في مادتين في هذا الفصل الدراسي. فهل نذري صحيح و ماذا علي أن أفعل ليتقبل الله نذري؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فأما نذرك فصحيح بلا شك، ويلزمك الوفاء به إذا وقع ما علقته عليه، فإذا نجحت في هاتين المادتين وجب عليك أن تتصدق، وهذا إجماع من العلماء.

 قال النووي رحمه الله: نذر المجازاة وهو أن يلتزم قربة في مقابلة حدوث نعمة أو اندفاع بلية كقوله: إن شفى الله مريضي أو رزقني ولدا أو نجانا من الغرق أو من العدو أو من الظالم أو أغاثنا عند القحط ونحو ذلك فلله علي إعتاق أو صوم أو صلاة أو نحو ذلك. فإذا حصل المعلق عليه لزمه الوفاء بما التزم وهذا لا خلاف فيه لعموم الحديث الصحيح السابق: من نذر أن يطيع الله فليطعه. انتهى.

 فإن كنت حددت مبلغا معينا للصدقة به لزمك أن تتصدق بالمبلغ الذي حددته، وأما إن نذرت الصدقة بمبلغ ولم تحدد قدره فيجزئك الصدقة بما شئت مما يقع عليه اسم المال، وإن كنت نويت مبلغا معينا حين النذر لم يجب عليك إخراج ما نويته وإن كان ذلك هو الأحوط للخروج من الخلاف .

 قال ابن قدامة رحمه الله في المغني: وقال أحمد: في من نذر أن يتصدق بمال، وفي نفسه أنه ألف: أجزأه أن يخرج ما شاء. وذلك لأن اسم المال يقع على القليل، وما نواه زيادة على ما تناوله الاسم، والنذر لا يلزم بالنية. والقياس أن يلزمه ما نواه؛ لأنه نوى بكلامه ما يحتمله، فتعلق الحكم به كاليمين. وقد نص أحمد في من نوى صوما أو صلاة، وفي نفسه أكثر مما يتناوله لفظه، أنه يلزمه ذلك، وهذا كذلك. انتهى.

 لكن نحب أن ننبهك إلى أن هذا النذر المعلق على شرط مما لا ينبغي الإقدام عليه، وقد ذهب كثير من العلماء إلى كراهته، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن النذر لا يأتي بخير وإنما يستخرج به من البخيل.

 قال العلامة الأمين الشنقيطي رحمه الله: الظاهر الذي لا ينبغي العدول عنه أن نذر القربة على نوعين: أحدهما: معلق على حصول نفع كقوله: إن شفى الله مريضي، فعلي لله نذر كذا، أو إن نجاني الله من الأمر الفلاني المخوف، فعلي لله نذر كذا، ونحو ذلك.

والثاني: ليس معلقا على نفع للناذر، كأن يتقرب إلى الله تقربا خالصا بنذر كذا من أنواع الطاعة، وأن النهي إنما هو في القسم الأول. لأن النذر فيه لم يقع خالصا للتقرب إلى الله، بل بشرط حصول نفع للناذر وذلك النفع الذي يحاوله الناذر هو الذي دلت الأحاديث على أن القدر فيه غالب على النذر وأن النذر لا يرد فيه شيئا من القدر.

أما القسم الثاني: وهو نذر القربة الخالص من اشتراط النفع في النذر، فهو الذي فيه الترغيب والثناء على الموفين به المقتضي أنه من الأفعال الطيبة، وهذا التفصيل قالت به جماعة من أهل العلم.

وإنما قلنا: إنه لا ينبغي العدول عنه لأمرين:

الأول: أن نفس الأحاديث الواردة في ذلك فيها قرينة واضحة، دالة عليه، وهو ما تكرر فيها من أن النذر لا يرد شيئا من القدر، ولا يقدم شيئا، ولا يؤخر شيئا ونحو ذلك. فكونه لا يرد شيئا من القدر قرينة واضحة على أن الناذر أراد بالنذر جلب نفع عاجل، أو دفع ضر عاجل فبين - صلى الله عليه وسلم - أن ما قضى الله به في ذلك واقع لا محالة، وأن نذر الناذر لا يرد شيئا كتبه الله عليه، ولكنه إن قدر الله ما كان يريده الناذر بنذره، فإنه يستخرج بذلك من البخيل الشيء الذي نذر وهذا واضح جدا كما ذكرنا.

الثاني: أن الجمع واجب إذا أمكن وهذا جمع ممكن بين الأدلة واضح تنتظم به الأدلة، ولا يكون بينها خلاف، ويؤيده أن الناذر الجاهل، قد يظن أن النذر قد يرد عنه ما كتبه الله عليه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة