السؤال
سمعت حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما معناه: أنه لو وقع حجر من تحت عرش الله تعالى، لوقع فوق الكعبة مباشرة، وهذا يدل على أن العرش فوق الكعبة مباشرة, أرجو أن توضحوا لي كيف هذا، مع العلم أن الأرض في حركة دوران مستمرة حول محورها، وحول الشمس أيضا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه أما بعد:
فلا نعلم حديثا باللفظ الذي ذكر في السؤال، وفي حديث الإسراء والمعراج -وهو حديث طويل متفق عليه- عن مالك بن صعصعة -رضي الله عنه- أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: فأتينا السماء السابعة، فقيل: من هذا؟ قيل: جبريل، قيل: من معك؟ قيل: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ مرحبا، ولنعم المجيء جاء، فأتيت على إبراهيم، فسلمت عليه، فقال: مرحبا بك من ابن، ونبي، فرفع لي البيت المعمور، فسألت جبريل، فقال: هذا البيت المعمور، يصلي فيه كل يوم سبعون ألف ملك، إذا خرجوا لم يعودوا إليه آخر ما عليهم... الحديث.
وأخرج الطبري عن قتادة قال: ذكر لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: البيت المعمور مسجد في السماء بحذاء الكعبة، لو خر لخر عليها، يدخله سبعون ألف ملك كل يوم، إذا خرجوا منه، لم يعودوا. والحديث مرسل. قال الألباني: وإسناده مرسلا صحيح.
وأخرج الطبري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- أنه قال: والبيت المعمور هو بيت حذاء العرش، تعمره الملائكة، يصلي فيه كل يوم سبعون ألفا من الملائكة، ثم لا يعودون إليه.
فمن هذا كله؛ نخلص إلى أن البيت المعمور بمحاذاة العرش، وبمحاذاة الكعبة.
ولا يشكل على هذا كون الأرض تدور حول نفسها، أو حول الشمس؛ إذ المخلوقات كلها في حجمها، لا تساوي شيئا أمام العرش، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما السماوات السبع في الكرسي، إلا كحلقة بأرض فلاة، وفضل العرش على الكرسي، كفضل الفلاة على الحلقة. صححه الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة.
فإذا نظرت إلى حجم الكعبة بالنسبة إلى الأرض، وحجم الأرض بالنسبة إلى السماوات، وذلك كله بالنسبة إلى الكرسي، والكرسي بالنسبة إلى العرش، عرفت أن كون الكعبة بمحاذاة البيت المعمور والعرش مع دوران الأرض، لا إشكال فيه.
ولا نقيس قدرة الله على ما في عقولنا، وما تدركه حواسنا، فشأن الله أعظم من ذلك، فقد أخرج أبو داود أن أعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: فإنا نستشفع بك على الله، ونستشفع بالله عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ويحك، أتدري ما تقول؟!" وسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما زال يسبح؛ حتى عرف ذلك في وجوه أصحابه، ثم قال: "ويحك، إنه لا يستشفع بالله على أحد من خلقه، شأن الله أعظم من ذلك، ويحك، أتدري ما الله؟ إن عرشه وسماواته لهكذا، وقال بأصابعه مثل القبة عليه..".
والله أعلم.