السؤال
ما معنى كلمة عسى ولعل في القرآن الكريم؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإن معنى عسى في اللغة: الإشفاق والطمع في قرب الشيء، فهي من أفعال المقاربة، ومعناها في القرآن الكريم هو معناها في اللغة، لأن القرآن نزل بلسان عربي مبين، لكنها إذا جاءت من الله تعالى فإن معناها التحقيق كما قال الطبري: وعسى من الله حق.
وقال القرطبي: عسى ـ من الله واجبة في جميع القرآن إلا قوله تعالى: عسى ربه إن طلقكن أن يبدله، وقال أبو عبيدة: عسى من الله إيجاب.
وفي كتاب اللباب في علوم الكتاب لعمر بن علي الدمشقي الحنبلي: اتفق المفسرون على أن كلمة عسى من الله واجب: لأنه لفظ يفيد الإطماع، ومن أطمع إنسانا في شيء ثم حرمه كان عارا والله تعالى أكرم من أن يطمع واحدا في شيء ثم لا يعطيه.
ومن الأمثلة على ذلك قوله تعالى: عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا ـ قال أهل التفسير: إطماع والإطماع من الله عز وجل واجب، وقوله تعالى: عسى الله أن يتوب عليهم ـ قالوا: لعل الله أن يتوب عليهم، وعسى من الله واجب، وإنما معناه سيتوب الله عليهم، ولكنه في كلام العرب على ما وصفت، وقوله تعالى: عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة ـ يقول تعالى ذكره: عسى الله أيها المؤمنون أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم من أعدائي من مشركي قريش مودة، ففعل الله ذلك بهم، بأن أسلم كثير منهم فصاروا لهم أولياء وأحزابا.
وانظر تفسير الطبري.
وأما: لعل ـ فهي في اللغة حرف ترج وتوقع وإشفاق وتعليل واستفهام، وبما أن القرآن الكريم نزل بلغة العرب - كما أشرنا - فإن: لعل ـ تأتي فيه بهذه المعاني حسب السياق الذي وردت فيه، قال ابن هشام في أوضح المسالك شرح ألفية ابن مالك: لعل ـ وهو للتوقع وعبر عنه قوم بالترجي في المحبوب نحو: لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا ـ أو الإشفاق في المكروه نحو: فلعلك باخع نفسك ـ قال الأخفش: وللتعليل نحو: أفرغ عملك لعلنا نتعدى ـ ومنه: لعله يتذكر ـ وللاستفهام نحو: وما يدريك لعله يزكى.
والله أعلم.