السؤال
أخي عنده 50 عاما وزوجته 45 عاما ولهم 4 أولاد من المعهد إلى الابتدائية وآخر بنت ولدت عندها مشكلة في النخاع الشوكي، لأن أمها حملت وهي تأخذ وسيلة منع الحمل وبعد شهرين رفض الطبيب عمل عملية فولدت عندها مشاكل كثيرة منها الكلام والسمع والمشي وإلى حد الآن تعاني من ذلك، والآن عندها 6 سنوات من العلاج والعلاج الطبيعي والعمليات الجراحية تأخذ 5 أيام في الأسبوع علاجا طبيعيا وهي لا تمشي وأمها تحملها طول الوقت، أمها حملت والطفل نزل وتريد عمل عملية ربط مبايض، فهل حرام لو استخدمت كل الوسائل لرد الحمل عنها إلى حين؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فهذه العملية من طرق التعقيم، أو الإعقام، وقد ذكرها الدكتور محمد علي البار في بحثه تنظيم النسل وتحديده المنشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، فقال: يتم تعقيم الرجل بقطع الحبل المنوي في الجهتين، أما تعقيم المرأة فقد يتم بإزالة الرحم، أو المبايض، كما يتم عادة بربط وقطع قناتي الرحم. اهـ.
ولا شك في حرمة عمليات التعقيم إلا إن دعت إليها حاجة ملحة، أو ضرورة لا تزول إلا بها، وقد جاء في قرارات مجمع الفقه الإسلامي بشأن تنظيم النسل: يحرم استئصال القدرة على الإنجاب في الرجل، أو المرأة وهو ما يعرف بـالإعقام، أو التعقيم، ما لم تدع إلى ذلك ضرورة بمعاييرها الشرعية. اهـ.
وراجعي الفتوى رقم: 17553
.
وعلى ذلك، فإذا كان الحمل يشكل خطرا على حياة الأم أو كانت تعاني بسببه ما لا تطيقه ولا تتحمله من الأمراض، أو المشاق والآلام، ولم يوجد من وسائل منع الحمل ما يناسبها إلا التعقيم، فلا حرج عليها حينئذ في إجراء هذه العملية، وراجعي في ذلك الفتوى رقم: 16524.
وقد سئلت اللجنة الدائمة: عن امرأة ربطت المبايض منذ عشرة أعوام بسبب حالة ـ الكمس ـ تحدث لها أثناء الحمل، وهي عبارة عن تسمم في الدم وارتفاع في ضغط الدم وزيادة في الزلال، وهذا بالإضافة إلى مرض السكر، وكل هذا يحدث لها أثناء الولادة عبارة عن حالة صرع، وقد أنجبت أربعة أولاد بهذه الطريقة، وقد أمر الأطباء بعدم حملها مرة أخرى، ولذلك ربطت المبايض؟
فأجابت: إذا كان الواقع ما ذكر فلا حرج على المرأة المذكورة فيما حصل من ربط المبايض، وفي بقائه. اهـ.
وقال الدكتور وهبة الزحيلي في الفقه الإسلامي وأدلته: الإعقام، أو التعقيم: جعل المرأة عقيما، بمعالجة تمنع الإنجاب نهائيا، وقد صرح الفقهاء بأنه يحرم استعمال ما يقطع الحبل من أصله، لأنه كالوأد، وذلك إلا إذا كانت هناك ضرورة ملجئة كانتقال مرض خطير بالوراثة إلى الأولاد والأحفاد، ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح، ويرتكب أخف الضررين، ولا مانع من عقم المصابة بمرض خبيث. اهـ.
وراجعي الفتوى رقم: 58584.
والخلاصة أنه يجب على زوجة أخي السائلة أن تقدر حالها إذا حملت مرة أخرى، فإن كان في ذلك إضرار محقق بها، أو بولدها، فلها أن تترخص بإجراء هذه العملية، ما لم يتيسر لها غيرها من الوسائل المؤقتة لمنع الحمل، وقد سبق لنا في الفتوى رقم: 31968 أنه يحرم استعمال ما يقطع النسل أصلا ما لم يكن هناك ضرر متحقق، أو غالب يلحق الأم، أو الولد، فإن كان هناك ضرر انتفت الحرمة.
والله أعلم.