السؤال
يملك أبي قطعة أرض زراعية بها نخيل وبعض المزروعات بجانب جارنا الذي يسكن في بيته وقد بنى حائطا بينه وبين أرضنا، لكنه سقط بعد أكثر من 5 سنوات وهو يطالبنا ببنائه للضرر الذي يسببه الماء الذي نستعمله لسقي الأرض، والواضح أن جداره لم يكن مهيئا لتفادي ضرر المياه، مع العلم أن أرضنا كانت منذ أكثر من 40 عاما وهي بهذا الشكل أي أنها مزروعة ونسقيها بالمياه، ومن جهة أخرى أبي لا يملك المال لمساعدته، فمع من الحق الآن؟ وهل يجب على جارنا تحمل تكاليفه وحده؟ أم نضطر للاستدانة بالمال لمساعدته؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فما دامت الزراعة في هذه الأرض قديمة وليست حادثة، فلا يترتب على سقايتها بالطريقة المعتادة ضمان إن ترتب عليها تلف للجار، فإن زادت على المعتاد وترتب على ذلك تلف ضمن، جاء في البحر الرائق لابن نجيم: ولو ملأ أرضه ماء فنزت أرض جاره، أو غرقت لم يضمن، لأنه متسبب وليس بمتعد، فلا يضمن، لأن شرط وجوب الضمان في السبب أن يكون متعديا، ألا ترى أن من حفر بئرا في أرض لا يضمن ما عطب فيه وإن حفر في الطريق يضمن، وإنما قلنا: إنه ليس بمتعد لأن له أن يملأ أرضه ويسقيه، قالوا: هذا إذا سقى أرضه سقيا معتادا بأن سقاها قدر ما تحتمله عادة، أما إذا سقاها سقيا لا تحتمله أرضه فيضمن. اهـ.
وفي الفروق للقرافي: إذا صب ماء في ملك نفسه فشب الماء فانهدم جدار جاره فلا ضمان عليه، ولو صب ماء على سطحه فسال من ميزابه وأصاب ثوب غيره ضمن والفرق أن ابتداء الصب لا يوجب انهدام الجدار لجواز أن لا يهدم, وسقوط الحائط بعد ذلك لا فعل له, فلم يهدم الحائط, ولو لم يفعل فعلا موجبا للهدم لا يضمن، وليس كذلك صب الماء على الميزاب، لأن مسيله من الميزاب من موجب صبه، لأنه لا يبقى كذلك, فصار فساد ثوبه من موجب فعله فضمن كما لو فعل ذلك بيده. اهـ.
وفي أسنى المطالب لزكريا الأنصاري: وإن سقى أرضه كالعادة فخرج الماء من جحر فأهلك شيئا لم يضمنه إلا إن سقى فوق العادة، أو علم بالجحر ولم يحتط فيضمن لتقصيره. اهـ.
وفي المغني لابن قدامة: إذا أوقد في ملكه نارا، أو في موات فطارت شرارة إلى دار جاره فأحرقتها, أو سقى أرضه فنزل الماء إلى أرض جاره فغرقها لم يضمن إذا كان فعل ما جرت به العادة من غير تفريط، لأنه غير متعد, ولأنها سراية فعل مباح فلم يضمن كسراية القود. اهـ.
وعلى ذلك، فلا يلزمكم أن تعيدوا بناء هذا الجدار.
والله أعلم.